المحمودة آثاره، المرضية أقواله وأفعاله، الذي يعد من الأنبياء الكبار، ويقال هو إدريس النبي عليه السلام. وهو الذي وضع أسامي البروج والكواكب السيارة، ورتبها في بيوتها، وأثبت لها الشرف والوبال، والأوج والحضيض، والمناظر بالتثليث والتسديس والتربيع، والمقابلة والمقارنة، والرجعة والاستقامة، وبين تعديل الكواكب، وتقويمها، وأما الأحكام المنسوبة إلى هذه الاتصالات، فغير مبرهن عليها عند الجميع.
وللهند وللعرب طريقة أخرى في الأحكام أخذوها من خواص الكواكب لا من طبائعها. ورتبوها على الثوابت، لا على السيارات.
ويقال إن عاذيمون وهرمس هما شيث, وإدريس عليهما السلام. ونقلت الفلاسفة عن عاذيمون أنه قال: المبادئ الأول خمسة: الباري تعالى، والعقل، والنفس، والمكان، والخلاء، وبعدها وجود المركبات. ولم ينقل هذا عن هرمس.
ومن حكم هرمس:
قوله: أول ما يجب على المرء الفاضل بطباعه، المحمود بسنخه١، المرضي في عادته، المرجو في عاقبته: تعظيم الله عز وجل، وشكره على معرفته، وبعد ذلك، فللناموس عليه حق الطاعة له، والاعتراف بمنزلته، وللسلطان عليه حق المناصحة والانقياد، ولنفسه عليه حق الاجتهاد، والدأب في فتح باب السعادة. ولخلصائه عليه حق التحلي لهم بالود، والتسارع إليهم بالبذل. فإذا أحكم هذه الأسس لم يبق عليه إلا كف الأذى عن العامة، وحسن المعاشرة، وسهولة الخلق.
انظروا معاشر الصابئة: كيف عظم أمر الرسالة، حتى قرن طاعة الرسول الذي عبر عنه بالناموس بمعرفة الله تعالى. ولم يذكر ههنا تعظيم الروحانيات، ولا تعرض لها، وإن كانت هي من الواجبات.
١ السنخ: بكسر السين، الأصل. وسنخ سنوخا في العلم؛ رسح.