إنها تدل عليه، إنه مبدع الكل. وهذا الاسم عندهم شريف جدا.
وكان يقول: إن بدء الخلق، وأول شيء أبدع، والذي هو أول لهذه العوالم، هو المحبة، والمنازعة. ووافق في هذا الرأي أنبادقليس حيث قال: الأول الذي أبدع هو المحبة والغلبة.
وقال هرقل: السماء كرة متحركة من ذاتها، والأرض مستديرة ساكنة جامدة بذاتها، والشمس حللت كل ما فيها من الرطوبة، فاجتمعت فيها، فصار البحر، والذي حجرت الشمس ونفذت فيه حتى لم تذر فيه شيئا من الرطوبة صار منه: الحصى، والحجارة، والجبل، وما لم تنفذ فيه الشمس أكثر، ولم تنزع عنه الرطوبة كلها، فهو التراب.
وكان يقول: إن السماء في النشأة الأخرى تصير بلا كواكب، لأن الكواكب تهبط سفلا حتى تحيط بالأرض وتلتهب، فيصير متصلا ببعضها البعض، حتى تكون كالدائرة حول الأرض، وإنما يهبط منها ما كان من أجزائها نارا محصنة، ويصعد منها ما كان نورا محصنا، فتبقى النفوس الشريرة الدنسة الخبيثة في هذا العالم الذي أحاط به النار إلى الأبد في عقاب السرمد، وتصعد النفوس الشريفة الخالصة الطيبة إلى العالم الذي تمحض نورا وبهاءً وحسنا في ثواب السرمد. وهناك: الصور الحسان لذات للبصر، والألحان الشجية لذات السمع، ولأنها أبدعت بلا توسط مادة وتركب أسطقسات فهي جواهر، شريفة، روحانية، نورانية. وقال: إن الباري تعالى يمسح تلك الأنفس في كل دهر مسحة، فيتجلى لها حتى تنظر إلى نوره المحض الخارج من جوهره الحق، فحينئذ يشتد عشقها، وشوقها، ونورها، ومجدها. فلا تزال كذلك دائما إلى الأبد.