للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ذاته من حيث هو في ذاته, شيء يلزمه أن يعقل، فيكون فضله وكماله بغيره. وهذا محال.

المسألة الرابعة:

في أن واجب الوجود لا يعتريه تغيير وتأثر من غيره، بأن يبدع أو يعقل.

قال: الباري تعالى عظيم الرتبة جدا غير محتاج إلى غيره، ولا متغير بسبب من غيره, سواء كان التغير زمانيا، أو كان تغيرا بأن ذاته تقبل من غيره أثرا وإن كان دائما في الزمان. وإنما لا يجوز له أن يتغير كيفما كان، لأن انتقاله إنما يكون إلى الشر لا إلى الخير، لأن كل رتبة غير رتبته فهي دون رتبته، وكل شيء يناله ويوصف به فهو دون نفسه، ولا يكون أيضا مناسبا للحركة، خصوصا إن كانت بعدية زمانية. وهذا معنى قوله: إن التغير إلى الشيء الذي هو شر.

وقد ألزم على كلامه: أنه إذا كان الأول يعقل أبدا ذاته، فإنه يتعب، ويكل، ويتغير، ويتأثر. وأجاب ثامسطيوس عن هذا بأنه إنما لا يتعب، لأنه يعقل ذاته، وكما لا يتعب من أن يحب ذاته فإنه لا يتعب من أن يعقل ذاته.

قال أبو الحسين بن عبد الله بن سينا: ليست العلة أنه لذاته يعقل. أو لذاته يحب، بل لأنه ليس مضادا لشيء في الجوهر العاقل، فإن التعب هو أذى يعرض لسبب خروج عن الطبيعة، وإنما يكون ذلك إذا كانت الحركات التي تتوالى مضادة لمطلوب الطبيعة، فأما الشىء الملائم واللذيذ المحض الذي ليس فيه منافاة بوجه, فلم يجب أن يكون تكرره متعبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>