للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لشاركته في الإلهية. واتفقوا على أن كلام محدث مخلوق في محل، وهو حرف وصوت كتب أمثاله في المصاحف حكايات عنه. فإن ما وجد في المحل عرض قد فني في الحال. واتفقوا على أن الإرادة والسمع والبصر ليست معاني قائمة بذاته، ولكن اختلفوا في وجوه وجودها، ومحامل معانيها كما سيأتي، واتفقوا على نفي رؤية الله تعالى بالأبصار في دار القرار، ونفي التشبيه عنه من كل وجه: جهة، ومكانا، وصورة، وجسما، وتحيزا، وانتقالا، وزوالا، وتغيرا، وتأثرا، وأوجبوا تأويل الآيات المتشابة فيها، وسموا هذا النمط: توحيدا.

واتفقوا على أن العبد قادر خالق لأفعاله خيرها وشرها، مستحق على ما يفعله ثوابا وعقابا في الدار الآخرة، والرب تعالى منزه أن يضاف إليه شر وظلم، وفعل هو كفر ومعصية، لأنه لو خلق الظلم كان ظالما، كما لو خلق العدل كان عادلا.

واتفقوا على أن الله تعالى لا يفعل إلا الصلاح والخير، ويجب من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد. وأما الأصلح واللطف ففي وجوبه عندهم خلاف. وسموا هذا النمط: عدلا.

واتفقوا على أن المؤمن إذا خرج من الدنيا على طاعة وتوبة، استحق الثواب والعوض. والتفضل معنى آخر وراء الثواب. وإذا خرج من غير توبة عن كبيرة ارتكبها، استحق الخلود في النار، لكن يكون عقابه أخف من عقاب الكفار، وسموا هذا النمط: وعدا ووعيدا.

واتفقوا على أن أصول المعرفة، وشكر النعمة واجبة قبل ورود السمع. والحسن والقبح يجب معرفتهما بالعقل. واعتناق الحسن، واجتناب القبيح واجب كذلك. وورود التكاليف ألطاف للباري تعالى، أرسلها إلى العباد بتوسط الأنبياء عليهم السلام امتحانا واختبارا {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} ١.


١ الأنفال آية ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>