الشبهة الرابعة: قال: إن الزمان لا يكون موجودا إلا مع الفلك, ولا الفلك إلا مع الزمان، لأن الزمان هو العاد لحركات الفلك. ثم لا يجوز أن يقال متى وقبل إلا حين يكون الزمان، ومتى وقبل أبدى، فالزمان أبدى فحركات الفلك أبدية، فالفلك أبدى.
الشبهة الخامسة: قال: إن العالم حسن النظام كامل القوام، وصانعه جواد خير، ولا ينقض الجيد الحسن إلا شرير، وصانعه ليس بشرير، وليس يقدر على نقضه غيره، فليس ينتقض أبدا، وما لا ينتقض أبدا كان سرمدا.
الشبهة السادسة: قال لما كان الكائن لا يفسد إلا بشيء غريب يعرض له، ولم يكن شيء غريب عن العالم خارجا منه يجوز أن يعرض فيفسد: ثبت أنه لا يفسد، وما لا يتطرق إليه الفساد لا يتطرق إليه الكون والحدوث، فأن كل كائن فاسد.
الشبهة السابعة: قال: إن الأشياء التي هي في المكان الطبيعي لا تتغير، ولا تتكون، ولا تفسد، وإنما تتغير، وتتكون، وتفسد إذا كانت في أماكن غريبة فتتجاذب إلى أماكنها، كالنار التي في أجسادنا تحاول الانفصال إلى مركزها، فينحل الرباط، فيفسد، إذ الكون والفساد إنما يتطرق إلى المركبات، لا إلى البسائط التي هي أركان في أماكنها. ولكنها هي بحالة واحدة، وما هو بحال واحدة فهو أزلي.
الشبهة الثامنة: قال: العقل والنفس والأفلاك تتحرك على الاستدارة والطبائع تتحرك إما عن الوسط، وإما إلى الوسط على الاستقامة، وإذا كان كذلك كان التفاسد في العناصر إنما هو لتضاد حركاتها، والحركة الدورية لا ضد لها، فلم يقع فيها فساد. قال: وكليات العناصر إنما تتحرك على استدارة وإن كانت الأجزاء منها تتحرك على الاستقامة. فالفلك وكليات العناصر لا تفسد، وإذا لم يجز أن يفسد العالم لم يجز أن يتكون.