أما الحركة: فتقال على تبدل حال قارة في الجسم يسيرا يسيرا على سبيل الاتجاه نحو شيء والوصول إليه هو بالقوة أو بالفعل، فيجب أن تكون الحركة مفارقة الحال، ويجب أن يقبل الحال التنقص والتزيد ويكون باقيا غير متشابه الحال في نفسه، وذلك مثل السواد والبياض والحرارة والبرودة, والرطوبة واليبوسة والطول والقصر, والقرب والبعد وكبر الحجم وصغره، فالجسم إذا كان في مكان فتحرك فقد حصل فيه كمال وفعل أول يتوصل به إلى كمال وفعل ثان هو الوصول، فهو في المكان الأول بالفعل, وفي المكان الثاني بالقوة، فالحركة كمال أول لما بالقوة من جهة ما هو بالقوة، ولا يكون وجودها إلا في زمان بين القوة المحصنة, والفعل المحض، وليست من الأمور التي تحصل بالفعل حصولا قارا مستكملا، وقد ظهر أنها في كل أمر يقبل التنقص والتزيد وليس شيء من الجواهر كذلك. فإذا لا شيء من الحركات في الجوهر. وكون الجوهر وفساده ليس بحركة بل هو أمر يكون دفعة. وأما الكمية فلأنها تقبل التزيد والتنقص فخليق أن يكون فيها حركة، كالنمو والذبول والتخلخل والتكاثف. وأما الكيفية، فما يقبل منها التنقص والتزيد والاشتداد كالتبيض والتسود, فيوجد فيه الحركة. وأما المضاف، فأبدا عارض لمقولة من البواقي في قبول التنقص والتزيد. فإذا أضيفت إليه حركة فذلك بالحقيقة لتلك المقولة. وأما الأين، فإن وجود الحركة فيه ظاهر وهو النقلة. وأما متى، فإن وجوده للجسم بتوسط الحركة، فكيف يكون فيه الحركة؟ ولو كان ذلك لكان لمتى متى آخر. وأما الوضع، فإن فيه حركة على رأينا خاصة كحركة الجسم المستدير على نفسه، إذ لو توهم المكان المطيف به معدوما لما امتنع كونه متحركا. ولو قدر ذلك في الحركة المكانية لامتنع، ومثاله في الموجودات: الجرم الأقصى الذي