للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم عراة ومنهم في ثيابهم ... منها الجديد ومنها الأزرق الخلق١

ومنهم عامر بن الظرب العدواني, وكان من شعراء العرب وخطبائهم، وله وصية طويلة يقول في آخرها "إني ما رايت شيئا قط خلق نفسه، ولا رأيت موضوعا إلا مصنوعا، ولا جاثيا إلا ذاهبا، ولو كان يميت الناس الداء لأحياهم الدواء. ثم قال: إني أرى أمورا شتى، وحتى، قيل له وما حتى؟ قال: حتى يرجع الميت حيا، ويعود لا شيء شيئا، ولذلك خلقت السموات والأرض، فتولوا عنه ذاهبين، وقال: "ويل إنها نصيحة، لو كان من يقبلها".

وكان عامر قد حرم الخمر على نفسه فيمن حرمها، وقال فيها:

إن أشرب الخمر أشربها للذتها ... وإن أدعها فإني ماقت قال٢

لولا اللذاذة والقينات لم أرها ... ولا رأتني إلا من مدى عالي

سآله للفتى ما ليس في يده ... ذهابه بعقول القوم والمال

تورث القوم أضغانا بلا إحن ... مزرية بالفتى ذي النجدة الحالي

أقسمت بالله اسقيها وأشربها ... حتى يفرق ترب الأرض أوصالي

وممن كان قد حرم الخمر في الجاهلية: قيس بن عاصم التميمي، وصفوان بن أمية بن محرث الكناني وعفيف بن معدي كرب الكندي وقالوا فيها أشعارا. وقال الاسلوم اليالي وقد حرم الخمر والزنا على نفسه:

سالمت قومي بعد طول مضاضة ... والسلم أبقى في الأمور وأعرف

وتركت شرب الراح وهي أثيرة ... والمومسات وترك ذلك أشرف

وعففت عنه يا أميم تكرما ... وكذاك يفعل ذو الحجى المتعفف


١ الخلق: بفتحتين، البالي.
٢ قال: كاره، اسم فاعل من قلاه يقليه بمعنى كرهه، والمصدر منه، قلى وقلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>