للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من كان ينسىء الشهور، وكانوا يكبسون في كل عامين شهرا، وفي كل ثلاثة أعوام شهرا، وكانوا إذا حجوا في شهر من السنة لم يخطئوا أن يجعلوا يوم التروية، ويوم عرفة، ويوم النحر، كهيئة ذلك في شهر ذي الحجة، حتى يكون يوم النحر اليوم العاشر من ذلك الشهر، ويقيمون بمني، فلا يبيعون في يوم عرفة، ولا في أيام منى، وفيهم أنزلت: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} ١.

وكانوا إذا ذبحوا للأصنام لطخوها بدماء الهدايا، يلتمسون بذلك الزيادة في أموالهم.

وكان فصي بن كلاب ينهى عن عبادة غير الله من الأصنام، وهو القائل:

أربا واحدا أم ألف رب ... أدين إذا تقسمت الأمور

تركت اللات والعزي جميعا ... كذلك يفعل الرجل البصير

فلا العزي أدين ولا أبنتيها ... ولا صنمي بني غنم أزور

وقيل هي لزيد بن عمرو بن نفيل، فلقي في ذلك من قريش شرا، حتى أخرجوه عن الحرم، فكان لا يدخله إلا ليلا.

وقال القلمس بن أمية الناني يخطب للعرب بفناء مكة: أطيعوني ترشدوا. قالوا: وما ذاك؟ قال: إنكم قد تفرقتم بآلهة شتى، وإني لأعلم ما الله راض به، وإن الله رب هذه الآلهة، وإنه ليحب أن يعبد وحده.

قال: فتفرقت عنه العرب حين قال ذلك، وتجنبت عنه طائفة أخرى، وزعمت أنه على دين بني تميم.

قال: وكانوا يغتسلون من الجنابة، ويغسلون موتاهم، قال الأفوه الأودي:

ألا عللاني واعلما أنني غرر ... فما قلت ينجيني الشقاق ولا الحذر٢

وما قلت يجديني ثيابي إذا بدت ... مفاصل أوصالي وقد شخص البصر


١ التوبة آية ٣٧.
٢ غرر: هالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>