للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومكيال الشر، فغذا امتلأ مكيال الخير صار العمل كله طاعة، والمطيع خيرا خالصا، فينقل إلى الجنة، ولم يلبث طرفة عين، فإن مطل الغني ظلم، وفي الحديث: "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه".

وإذا امتلأ مكيال الشر صار العمل كله معصيه، والعاصي شريرا محضا، فينقل إلى النار ولم يلبث طرفة عين، وذلك قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} ١.

البدعة الثالثة: حملهما كل ما ورد في الخبر من رؤية الباري تعالى مثل قوله عليه الصلاة والسلام: "إنكم سترون ربكم يوم القيامة، كما ترون القمر ليلة البدر، لا تضامون في رؤيته" على رؤية العقل الأول الذي هو أول مبدع، وهو العقل الفعال الذي منه تفيض الصور على الموجودات، وإياه عني النبي عليه الصلاة والسلام, بقوله: "أول ما خلق الله تعالى العقل، فقال له: أقبل، فأقبل، ثم قال له: أدبر، فأدبر. فقال. وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحسن منك، بك أعز، وبك أذل، وبك أعطي؛ وبك أمنع" فهو الذي يظهر يوم القيامة وترتفع الحجب بينه وبين الصور التي فاضت منه، فيرونه كمثل القمر ليلة البدر. فأما واهب العقل فلا يرى ألبتة، ولا يشبه إلى مبدع بمبدع.

وقال ابن خابط: إن كل نوع من أنواع الحيوانات أمة على حيالها لقوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} ٢ وفي كل أمة رسول من نوعه لقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ} ٣.

ولهما طريقة أخرى في التناسخ، وكأنهما مزجا كلام التناسخية، والفلاسفة، والمعتزلة بعضها ببعض.


١ الأعراف آية٣٤، والنحل آية ٦١.
٢ الأنعام آية ٣٨.
٣ فاطر آية ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>