للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل الخلق لأن ما به يكون الشيء لا يجوز أن يكون معه، وإن أراد بها فعل عباده؛ فهي الأمر به.

الخامسة: قال: إن عند الله تعالى لطفا١ لو أتى به لآمن جميع من في الأرض إيمانا يستحقون عليه الثواب، استحقاقهم لو آمنوا من غير وجوده وأكثر منه، وليس على الله تعالى أن يفعل ذلك بعباده ولا يجب عليه رعاية الأصلح لأنه لا غاية لما يقدر عليه من الصلاح. فما من أصلح إلا وفوقه أصلح، وإنما عليه أن يمكن العبد بالقدر والاستطاعة ويزيح العلل بالدعوة والرسالة. والمفكر قبل ورود السمع يعلم الباري تعالى بالنظر والاستدلال، وإذا كان مختارا في فعله فيستغنى عن الخاطرين، لأن الخاطرين لا يكونان من قبل الله تعالى، وإنما هما من قبل الشيطان، والمفكر الأول لم يتقدمه شيطان يخطر الشك بباله، ولو تقدم فالكلام في الشيطان كالكلام فيه.

السادسة: قال: من تاب عن كبيرة ثم راجعها عاد استحقاقه العقوبة الأولى، فإن قبل توبته بشرط أن لا يعود.


١ المصدر السابق ١/ ٥٧٤ "وقال بشر: إن ما يقدر الله عليه من اللطف لا غاية ولا نهاية. وعند الله من اللطف ما هو أصلح مما فعل ولم يفعله. ولو فعله بالخلق آمنوا طوعا لا كرها. وقد فعل بهم لطفا يقدرون به على ما كلفهم".
وقد خالفه المعتزلة كلهم كما ذكر الأشعري إذ قالوا: "إنه لا لطف عند الله لو فعله بمن لا يؤمن لآمن. ولو كان عنده لطف لو فعله بالكفار لآمنوا ثم لم يفعل بهم ذلك، لم يكن مريدا لمنفعتهم. فلم يصفوا ربهم بالقدرة على ذلك، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا".
ورأي بشر في اللطف متفق مع رأي أهل السنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>