للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبشر بن المعتمر، وأخذ العلم منه وتزهد، ويسمى راهب المعتزلة. وإنما انفرد عن أصحابه بمسائل.

الأولى منها: قوله في القدر إن الله تعالى يقدر على أن يكذب ويظلم، ولو كذب وظلم كان إلها كاذبا ظالما. تعالى الله عن قوله.

والثانية: قوله في التولد مثل قول أستاذه، وزاد عليه بأن جوز وقوع فعل واحد من فاعلين على سبيل التولد.

الثالثة: قوله في القرآن إن الناس قادرون على مثل القرآن فصاحة، ونظما، وبلاغة. وهو الذي بالغ في القول بخلق القرآن. وكفر من قال بقدمه بأنه قد أثبت قدمين، وكفر أيضا من لابس السلطان، وزعم أنه لا يرث ولا يورث. وكفر أيضا من قال إن أعمال العباد مخلوقة لله تعالى، ومن قال إنه يرى بالإبصار. وغلا في التكفير حتى قال هم كافرون في قولهم: لا إله إلا الله. وقد سأله إبراهيم بن السندي مرة عن أهل الأرض جميعا فكفرهم. فأقبل عليه إبراهيم وقال: الجنة التي عرضها السموات والأرض لا يدخلها إلا أنت وثلاثة وافقوك؟ فخزي ولم يحر جوابا.

وقد تلمذ له أيضا الجعفران١، وأبو زفر، ومحمد بن سويد، وصحب أبو جعفر


١ الجعفران: هما جعفر بن حرب الثقفي المتوفى سنة ٢٣٤هـ، وجعفر بن مبشر الهمذاني المتوفى سنة ٢٣٦هـ. قال عبد القاهر ص١٠١ "أما جعفر بن مبشر فإنه زعم أن في فساق هذه الأمة من هو شر من اليهود والنصارى والمجوس والزنادقة. هذا مع قوله: أن الفاسق موزحد وليس بمؤمن ولا كافر فجعل الموحد الذي ليس بكافر شرا من الثنوي الكافر.
وزعم أيضا أن إجماع الصحابة على ضرب شارب الخمر الحد وقع خطأ، لأنهم أجمعوا عليه برأيهم، فشارك ببدعته هذه نجدات الخوارج في إنكارها حد الخمر.
وأما جعفر بن حرب فإنه جرى على ضلالات أستاذه المردار وزاد عليه قوله: إن بعض الجملة غير الجملة. وهذا يوجب عليه أن تكون الجملة غير نفسها إذا كان كل بعض منها غيرها. وكان يزعم أن الممنوع من الفعل قادر على الفعل وليس يقدر على شيء. هكذا حكى الكعبي في مقالاته. ويلزمه على هذا الأصل أن يجيز كون العالم بشيء ليس غير عالم به".
وفي "مقالات الإسلاميين" للأشعري. ص٢٤٠ ج١ "وقال جعفر بن حرب: الممنوع قادر، وليس يقدر على شيء، كما أن المنطبق جفنه بصير ولا يبصر".

<<  <  ج: ص:  >  >>