"وقد نقض الجبائي على الخياط قوله بأن الجسم جسم قبل حدوثه. وذكر أن قوله بذلك يؤديه إلى القول بقدم الأجسام. وهذا الإلزام متوجه على الخياط. ويتوجه مثله على الجبائي وابنه في قولهما بأن الجواهر والأعراض كانت في حال العدم أعراضا وجواهر. فإذا قالوا: لم تزل أعيانا وجواهر وأعراضا ولم يكن حدوثها لمعنى سوى أعيانها. فقد لزمهم القول بوجودها في الأزل. وساروا في التحقيق إلى معنى قول الذين قالوا بقدم الجوهر والأعراض". ١ تكلم عبد القاهر عن الكعبية ص١٠٨ فقال: "هؤلاء أتباع أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي المعروف بالكعبي خالف البصريين من المعتزلة في أحوال كثيرة. منها: أن البصريين منهم أقروا بأن الله تعالى يرى خلقه من الأجسام والألوان، وأنكروا أن يرى نفسه، كما أنكروا أن يراه غيره. وزعم الكعبي أن الله تعالى لا يرى نفسه ولا غيره إلا على معنى علمه بنفسه وبغيره. وتبع النظام في قوله إن الله تعالى لا يرى شيئا في الحقيقة. ومنها: أن البصريين منهم مع أصحابنا في أن الله عز وجل سامع للكلام والأصوات على الحقيقة لا على معنى أنه عالم بهما. وزعم الكعبي والبغداديون من المعتزلة أن الله تعالى لا يسمع شيئا على معنى الإدراك المسمى بالسمع. وتأولوا وصفه بالسمع البصير على معنى أنه عليم بالمسموعات التي يسمعها غيره، والمرئيات التي يراها غيره. ومنها: أن البصريين منهم مع أصحابنا في أن الله عز وجل مريد على الحقيقة. غير أن أصحابنا قالوا إنه لم يزل مريدا بإرادة أزلية. وزعم البصريون من المعتزلة أنه يريد بإرادة حادثة لا في محل. وخرج الكعبي والنظام وأتباعهما عن هذين الوقلين. وزعموا أنه ليست لله تعالى إرادة على الحقيقة. وزعموا أنه إذا قيل إن الله عز وجل أراد شيئا من فعله فمعناه أنه فعله. وإذا قيل إنه أراد من عنده فعلا فمعناه أنه أمر به. وقالوا إن وصفه بالإرادة في الوجهين جمعيا مجاز. كما أن وصف الجدار بالإرادة في قول الله تعالى- جدارا يريد أن ينقض فأقامه. قال: لو شئت لاتخذت عليه أجرا- مجاز. وقد أكفرهم البصريون مع أصحابنا في نفيهم إرادة الله عز وجل". "ومنها: أن الكعبي على قول من أوجب على الله تعالى فعل الأصح في باب التكليف" توفي الكعبي سنة ٣١٩هـ.