لولي الدم أن لا يقتصر حتى ترضعه لأن اختلاف اللبن عليه والتربية بلبن البهيمة يفسد طبعه فإن لم يصبر اقتص منها لأن الولد يعيش بالألبان المختلفة وبلبن البهيمة وإن ادعت الحمل قال الشافعي رحمه الله تحبس حتى يتبين أمرها واختلف أصحابنا فيه فقال أبو سعيد الإصطخري رحمة الله عليه لا تحبس حتى يشهد أربع نسوة بالحمل لأن القصاص وجب فلا يؤخر بقولها وقال أكثر أصحابنا تحبس بقولها لأن الحمل وما يدل عليه من الدم وغيره يتعذر إقامة البينة عليه فقبل قولها فيه.
فصل: وإن كان القصاص في الطرف فالمستحب أن لا يستوفي إلا بعد استقرار الجناية بالاندمال أو بالسراية إلى النفس لما روى عمرو بن دينار عن محمد بن طلحة قال: طعن رجل رجلاً بقرن في رجله فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أقدني فقال: "دعه حتى يبرأ" فأعادها عليه مرتين أو ثلاثاً والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "حتى يبرأ". فأبى فأقاده منه ثم عرج المستقيد فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: برئ صاحبي وعرت رجلي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا حق لك". فذلك حين نهى أن يستقيد أحد من جرح حتى يبرأ صاحبه فإن استوفى قبل الاندمال جاز للخبر وهل يجوز أخذ الأرش قبل الاندمال فيه قولان: أحدهما: يجوز كما يجوز استيفاء القصاص قبل الاندمال والثاني: لا يجوز لأن الأرش لا يستقر قبل الاندمال لأنه قد يسري إلى النفس ويدخل في دية النفس وقد يشاركه غيره في الجناية فينقص بخلاف القصاص فإنه لا يسقط بالسراية ولا تؤثر فيه المشاركة فإذا قلنا يجوز ففي القدر الذي يجوز أخذه وجهان: أحدهما: يجوز أخذه بالغاً ما بلغ لأنه قد وجب في الظاهر فجاز أخذه والثاني: وهو قول أبي إسحاق أنه يأخذ أقل الأمرين من أرش الجناية أودية النفس لأن ما زاد على دية النفس لا يتيقن استقراره لأنه ربما سقط فعلى هذا إن قطع يديه ورجليه وجب في الظاهر ديتان وربما سرت الجناية إلى النفس فرجع إلى دية فيأخذ دية فإن سرت الجناية إلى النفس فقد أخذ حقه وإن اندملت أخذ دية أخرى.
فصل: وإن قلع سن صغير لم يثغر أوسن كبير قد أثغر وقال أهل الخبرة أنه يرجى أن ينبت إلى مدة لم يقتص منه قبل الإياس من نباته لأنه لا يتحقق الإتلاف فيه قبل الإياس كما لا يتحقق إتلاف الشعر قبل الإياس من نباته فإن مات قبل الإياس لم يجب القصاص لأنه لم يتحقق الإتلاف فلم يقتص مع الشك.