للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجلاً فجاء أولاد المقتول وقد عفا أحدهم فقال عمر لابن مسعود رضي الله عنهما وهو إلى جنبه ما تقول فقال: إنه قد أحرز من القتل فضرب على كتفه وقال كنيف ملئ علماً ولأن القصاص مشترك بينهم وهو مما لا يتبعض ومبناه على الإسقاط فإذا أسقط بعضهم حقه سرى إلى الباقي كالعتق في نصيب أحد الشريكين وينتقل حق الباقين إلى الدية لما روى زيد بن وهب قال: دخل رجل على امرأته فوجد عندها رجلاً فقتلها فاستعدى إخوتها عمر فقال بعض إخوتها قد تصدقت بحقي فقضى لسائرهم بالدية ولأنه سقط حق من لم يعف عن القصاص بغير رضاه فثبت له البدل مع وجود المال كما يسقط حق من لم يعتق من الشريكين إلى القيمة.

فصل: وإن وكل من له القصاص من يستوفي له ثم عفا وقتل الوكيل ولم يعلم بالعفو ففيه قولان: أحدهما: لا يصح العفو لأنه عفا في حال لا يقدر الوكيل على تلافي ما وكل فيه فلم يصح العفو كما لو عفا بعد ما رمى الحربة إلى الجاني والثاني: يصح لأنه حق له فلا يفتقر عفوه عنه إلى علم غيره كالإبراء من الدين ولا يجب القصاص على الوكيل لأن قتله وهو جاهل بتحريم القتل وأما الدية فعلى القولين: إن قلنا إن العفو لا يصح لم تجب الدية كما لا تجب إذا عفا عنه بعد القتل وإن قلنا يصح العفو وجبت الدية على الوكيل لأنه قتل محقون الدم ولا يرجع بما غرمه من الدية على الموكل وخرج أبو العباس قولاً آخر أنه يرجع عليه لأنه غره حين لم يعلمه بالعفو كما قلنا فيمن وطئ أمة غر بحريتها في النكاح وقلنا إن النكاح باطل أنه يلزمه المهر ثم يرجع به على من غره في أحد القولين وهذا خطأ لأن الذي غره في النكاح مسيء مفرط فرجع عليه والموكل ههنا محسن في العفو غير مفرط.

فصل: فإن جنى على رجل جناية فعفا المجني عليه عن القصاص فيها ثم سرت الجناية إلى النفس فإن كانت الجناية مما يجب فيها القصاص كقطع الكف والقدم لم يجب القصاص في النفس لأن القصاص لا يتبعض فإذا سقط في بالبعض سقط في الجميع وإن كانت الجناية مما لا قصاص فيها كالجائفة ونحوها وجب القصاص في النفس لأنه عفا عن القصاص فيما لا قصاص فيه فلم يعمل فيه العفو.

فصل: وإن قطع أصبع رجل عمداً فعفا المجني عليه عن القصاص والدية ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>