شاهدين ليثبت بهما التولية وإن كان قريباً بحيث يتصل به الخبر في التولية ففيه وجهان: أحدهما: وهو قول أبي إسحاق أنه يجب الإشهاد لأنه عقد فلا يثبت بالاستفاضة كالبيع والثاني: وهو قول أبي سعيد الإصطخري أنه لا يجب الإشهاد لأنه يثبت بالاستفاضة فلا يفتقر إلى الإشهاد والمستحب للقاضي أن يسأل عن أمناء البلد ومن فيه من العلماء لأنه لا بد له منهم فاستحب تقدم العلم بهم والمستحب أن يدخل البلد يوم الإثنين لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المدينة يوم الإثنين والمستحب أن ينزل وسط البلد ليتساوى الناس كلهم في القرب منه ويجمع الناس ويقرأ عليهم العهد ليعلموا التولية وما فوض إليه.
فصل: فإذا أذن له من ولاء أن يستخلف فله أن يستخلف وإن نهاه عن الاستخلاف لم يجز له أن يستخلف لأنه نائب عنه فتبع أمره ونهيه وإن لم يأذن له ولم ينهه نظرت فإن كان ما تقلده يقدر أن يقضي فيه بنفسه ففيه وجهان: أحدهما: وهو قول أبي سعيد الاصطخري أنه يجوز أن يستخلف لأنه ينظر في المصالح فجاز أن ينظر بنفسه وبغيره والثاني: وهو المذهب أنه لا يجوز لأن الذي ولاه لم يرض بنظر غيره وإن كان ما ولاه لا يقدر أن يقضي فيه بنفسه لكثرته جاز أن يستخلف فيما لا يقدر عليه لأن تقليده لا يقدر عليه بنفسه أذن في الاستخلاف فيما لا يقدر عليه كما أن توكيل الوكيل فيما لا يقدر عليه بنفسه أذن له في استنابة غيره وهل له أن يستخلف فيما يقدر عليه أن يقضي فيه بنفسه فيه وجهان: أحدهما: أن له ذلك لأن ما جاز له أن يستخلف في البعض جاز أن يستخلف في الجميع كالإمام والثاني: أنه لا يجوز لأنه إنما أجيز له أن يستخلف فيما لا يقدر علي للعجز فوجب أن يكون مقصوراً على ما عجز عنه.
فصل: ولا يجوز أن يقضي ولا يولي ولا يسمع البينة ولا يكاتب قاضياً في حكم في غير عمله فإن فعل شيئاً من ذلك في غير عمله لم يعتد به لأنه لا ولاية له في غير عمله فكان حكمه فيما ذكرناه حكم الرعية.
فصل: ولا يحكم لنفسه وإن اتفقت له حكومة مع خصم تحاكما فيها إلى خليفة له لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه تحاكم مع أبي بن كعب إلى زيد بن ثابت وتحاكم عثمان رضي الله عنه مع طلحة إلى جبير بن مطعم وتحاكم علي كرم الله وجهه مع يهودي في درع إلى شريح ولأنه لا يجوز أن يكون شاهداً لنفسه فلا يجوز أن يكون حاكماً لنفسه ولا يجوز أن يحكم لوالده وإن علا ولا لولده وإن سفل وقال أبو ثور: يجوز وهذا خطأ لأنه متهم في الحكم لهما كما يتهم في الحكم لنفسه وإن تحاكم إليه والده