للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالإباحة١ ظاهر المذهب قال: وإليه ذهب أكثر من تكلم في أصول الفقه

قلت واختار الجويني في لفظ الأمر بعد الحظر أنه على الوقف بين الإباحة والوجوب مع كونه أبطل الوقف في لفظه ابتداء من غير سابقة حظر وحكي عن أبي إسحاق الاسفرائينى أن النهي بعد الأمر على الحظر بالإجماع ثم قالت ولست أرى مسلما له أما أنا فأسحب ذيل الوقف عليه وما أرى المخالفين في الأمر بعد الحظر يسلمون ذلك

قلت ولقد أصاب في ذلك فإن القاضي أبا يعلى ذكر فيها وجهين وكذلك المقدسي "ح" أحدهما التنزيه والآخر التحريم واختار ابن عقيل قولا ثالثا غيرهما وذكر بعض أصحابنا في مسألتي الأمر بعد الحظر والنهي بعد الأمر ثلاثة أوجه أحدها حملهما على موجبهما ابتداء من الإيجاب والتحريم والثاني حملهما على الإباحة والثالث حمل الأمر على إباحة الفعل والنهي على إباحة الترك

فصل:

قال القاضي صيغة الأمر إذا وردت بعد الحظر اقتضت الإباحة وإطلاق محظور ولا يكون أمرا وهذا من القاضي يقتضي أن المباح ليس مأمورا به لأن حقيقة الأمر لو وجدت بعد الحظر كانت على بابها وقد نص أحمد في رواية صالح وعبد الله في قوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} ٢ {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} ٣ فقال أكثر من سمعنا إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل كأنهم ذهبوا إلى أنه ليس بواجب وليس هما على ظاهرهما

قلت هذا اللفظ يقتضي أن ظاهرهما الوجوب وأنه من المواضع المعدولة عن الظاهر لدليل ولذلك ذكره في الرد على المتمسك بالظاهر معرضا عما يفسره وقد مثل القاضي في هذه المسألة بقوله: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} ٤ وليس من هذا لكن


١ من هنا تنفرد النسخة النجدية وينتهي انفرادها في ص "٢٤" الآتية.
٢ من الآية "٢" من سورة المائدة.
٣ من الآية "١٠" من سورة الجمعة.
٤ من الآية "٥٣" من سورة الأحزاب.

<<  <   >  >>