[١٠/ب] للقاضي أبي الفضل، وهذا نصه «قال الإمام، قال أبو عبيد قال الأصمعي»:
هو من الوري، على مثال «الرّمي»، وهو أن يورى جوفه، يقال منه: رجل موري، مشدد غير مهموز: هو أن يأكل القيح جوفه. قال صاحب الأفعال: وري الإنسان والبعير ورى، دوى جوفه، ووراه الداء وريا: فسد جوفه. ووري الكلب: سعر أشد السعار.
قال أبو عبيد: وقوله صلى الله عليه وسلم «خير له من أن يمتلئ شعرا».
قال بعضهم: يعني من الشعر الذي هجي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان شطر بيت لكان كفرا. فكأنه إذا حمل وجه الحديث على امتلاء القلب منه، فقد رخص في القليل منه. ولكن وجهه عندي أن يمتلئ قلبه حتى يغلب عليه فيشغله عن القرآن وعن ذكر الله عز وجل فيكون الغالب عليه من أيّ الشعر كان. فإذا كان القرآن والعلم الغالبين عليه فليس جوف هذا عندنا بممتلئ من الشعر.
وقال القاضي عياض في الإكمال: ذكر مسلم استنشاد النبي صلى الله عليه وسلم الشريد بن سويد شعر أمية بن أبي الصلت (١)، وقوله هيه إلى أن أنشده مئة بيت؛ وقوله إن كاد ليسلم، فيه جواز سماع أشعار الجاهلية، وأخبارها، والتحدث بها، وإنشادها. و (هيه) مكسورة الهاء، ساكنة الياء والهاء الآخرة كلمة للاستزادة أي: زد. وأصلها إيه، فهي استزادة لما تعرف.
وفيه أن الشعر بنفسه ليس بمنكر، وإنما المنكر منه المذموم: الإكثار منه، أو ما يتضمنه من الهجاء للمسلمين وقذف المحصنات، والتشبيب بالحرم، وذكر أوصاف الخمر وأنواع الباطل [مما يهيج] المرتكبين لذلك، ويجرئهم على المعاصي. وقد جاء من ذلك أشياء في شعر حسان وكعب وغيرهما مما
(١) في خزانة الأدب للبغدادي ١:٢٢٧. وتفسير القرطبي ١٣:١٤٥. وانظر مقدمة ديوان أمية بن أبي الصلت (بتحقيق الدكتور ع. السطلي).