للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١٢١/أ] وأخبرني-رحمه الله تعالى-أنه اجتمع ببلده تازا مع الفقيه ابن الملون وعبد الحق الزيات في بستان لنزهة فتذاكروا أمر رجل من أهل تازا يتشبّه بالفقيه الأستاذ المقرىء أبي العباس أحمد بن محمد بن علي الزّواوي (١) في قراءته وملبسه وعمّته. فأنشد أحد الرجلين على لسان المتشبّه:

أنا الزّواوي وهذا مكتبي ... لحرفة التّعليم والتأدّب

لا أمنع التعليم من يرغبه ... وأجدر العلم الذي لم يرغب!

عندي-فديت-لحية طويلة ... سوداء تحكي ليلة المكتئب

وشارب يجري لعابي تحته ... كالماء يبدو من خلال الطّحلب

وحاجبان أكحلان اقترنا ... خلتهما بعض حواشي الحجب!

وعمّة كبيرة هائلة ... كهالة قد أحدقت بكوكب

يقول بعض الناس فيها أصطب (٢) ... والله ما في عمّتي من أصطب

وطيلسان حسن خلّفه ... من بعده بعض قضاة المغرب

ودرّة كذنب السرحان في ... طول، وفي عرض، وفي تقلّب

تلحق سوطي من غدا مقتربا ... وتلحق الكرّة من لم يقرب

لا غضب يميل بي ولا رضى ... إني لممزوج الرّضى بالغضب!

وزاد عليها صاحبنا أبو عبد الله هذا-وما أحسن زيادته-:

وفي الرّقا عندي كلام عجب ... نقلت ذاك من صحيح الكتب


(١) المقرىء الشهير في زمانه أبو العباس الزواوي. ذكره ابن خلدون في شيوخه وقال فيه «إمام المقرئين بالمغرب» انظر التعريف ٢٠، ونفح الطيب ٦:١٧٢.
(٢) الأصطبة: مشاقة الكتان.

<<  <   >  >>