ابن المعتصم وموسى بن المأمون وعبد الله بن الأمين وأبو أحمد بن الرشيد والعباس بن الهادي ومنصور بن المهدي «٢٧٦» . وكان يكنى المتوكل أبا الفضل وكانت بيعته يوم الأربعاء لست ليال بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وأمه جارية اسمها «شجاع» وكان في نفسه ما كان من محمد بن عبد الملك الزيات فأقره على الوزارة أربعين يوما ونكبه «٢٧٧» بعد أن واقفه مواجهة وقال له: ألست الّذي قطعت أرزاقى في أيام أخى؟ ألست الّذي حلقت شعرى وضربت به وجهي على ملأ من الناس؟ وقيل: لم ير في زمان المتوكل أصبح وجها ولا أحسن شعرا منه، وحين فعل به ابن الزيات ما فعل لعنه الناس واستركّوه واستقلّوا عقله بإقدامه على أن يفعل هذا بابن خليفة وأخى خليفة وابن سيد الخلفاء. وكان من أقوى ما قرّعه به أن قال له: ألست كنت إذا جئت إليك أقف فلا تأذن لي في الجلوس وأنت ابن زيّات وأنا ابن المعتصم. وكان ابن الزيات شديد الظلم، كثير المصادرة للناس قل ما يرحم أحدا، وكان يقول: الرحمة خور في الطبيعة «٢٧٨» .
وحكى عنه بعض من كان يختص بمنادمته، قال: دخل عليه بعض [٤٩ ب] أولاد المتصرفين وقد امتدت عطلته واشتدت فاقته فطلب منه أن يصرّفه في أمر يعيش به.
فقال له: ما عندي ما أصرّفك فيه. فقال له: فتقدم إلى بعض الأجناد باستخدامي، قال: امض إليهم واطلب ذلك منهم. وكان في المجلس جماعة رقّوا له وتشفّعوا إلى الوزير حتى وعده وقال: يكون ما تطلب بعد وقت فأما الآن فلا تعرض. فلما تقوّض المجلس ونهض الناس قام ذلك الفتى معهم فدعاه الوزير ابن الزيات وحده وقال له:
لا تنتظر منى شيئا مما وعدتك به ولا تعد إليّ بعدها. فانصرف المسكين منكسرا.
قال ذلك الرجل: فقلت له: يا مولانا ما الّذي حملك على عدته وكسر قلبه وإياسه بعد ذلك؟ فقال محمد بن عبد الملك الزيات: إنما فعلت ذلك حتى لا يبيت الليلة على أمل.
وكان «٢٧٩» محمد بن عبد الملك الزيات قد عمل في آخر أيام الواثق تنّور حديد مشبك بقطعتين وله مسامير إلى داخل ليقعد فيه المصادرين فاتفق لقضاء الله تعالى وقدره أن