للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليلة السيوف. فقال المتوكل للفتح بن خاقان: والله ما أمرتهم الليلة بتخويفهم ولكنهم يعلمون أننى أحب ذلك فقد فعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم. فلما قربوا رأوا الأمر جدّا فبادر باغر- لعنه الله- وضرب المتوكل على عاتقه فرمى الفتح نفسه على المتوكل فقطعوهما إربا «٢٩٠» . وكان الفتح حين رمى بنفسه على الخليفة قال: لا حياة بعدك يا أمير المؤمنين. فلما رأى عبادة المخنث صورة الحال قفز وقال: ألف حياة بعدك يا أمير المؤمنين «٢٩١» . والتفّ البحتري الشاعر في بساط إلى نصف النهار من يوم الأربعاء ما تحرّك من الفزع حتى سمع الضوضاء وأصوات الخلق فقام فرأى المنتصر على السرير والناس وقوف بين يديه.

وكانت خلافة المتوكل أربع عشرة سنة وتسعة أشهر وعشرة أيام. وقتل وقد نيّف على الأربعين سنة.

وكان وزراؤه: محمد بن عبد الملك الزيات، وزر له أربعين يوما، وبعده محمد ابن الفضل الجرجرائى «٢٩٢» وبعده الفتح بن خاقان ينوب عنه عبيد الله «٢٩٣» بن يحيى بن خاقان.

وفي المتوكل- رحمه الله- يقول إبراهيم [بن] المهدي [٥٢ ب] :

لم يذل نفسه رسول المنايا ... بصنوف الأوجاع والأسقام

هابه معلنا ودبّ إليه ... في كسور الدجى بحد الحسام

والمنايا مراتب يتفاضلن ... وبالمرهفات موت الكرام (١٩٢ أ)

<<  <   >  >>