ابنه محمدا خراسان. وقلد محمد بن عبد الله بن طاهر عم المذكور أولا العراق وفارس «٣٠٩» .
وكان المستعين أسمح خلق الله تعالى بالمال يعطى المستحق وغير المستحق، لا يمكنه أن يرى لنفسه درهما ولا دينارا، وفي أقرب مدة فرّق جميع ما كان أدخره الخلفاء قبله من [٥٤ ب] العين والورق والجواهر والفرش والأسلحة والطّيب وآلات الحرب، حتى قال له بغا الكبير: يا أمير المؤمنين هذه الخزائن مادة المسلمين أدخرها الخلفاء قبلك لملم يسنح أو عارض يعرض في الإسلام فلم يلتفت إليه ولا إلى قوله. ومن جملة ما كان قد أخرج فيه الأموال قلاية «٣١٠» عملها على هيئة قلالى الرهبان وما أبقى شيئا من الجواهر النفيسة والآلات الفاخرة المرصعة إلا وضعها فيها وأمر فصيغ من الذهب صور كل حيوان خلقه الله تعالى من الوحوش والطيور والناس وأمر أن تعمل فيها الحباب «٣١١» المملوءة من الغالية والأواني الفاخرة كالأصطال والقماقم المصاغة من الذهب مملوءة من المسك والعنبر. وأمر فصيغت له قرى من الذهب كل قرية منها خمس مائة ألف دينار وأقل وأكثر. وفي القرية البقر والجواميس والأكرة والغنم والكلاب والزرع، كل هذا من الذهب المرصع وكذلك جميع الفواكه كالبطيخ والسفرجل والرمان والأترج والنارنج «٣١٢» مصاغا من الذهب المرصع بالجواهر.
قال أحمد بن حمدون النديم «٣١٣» : كنت يوما عنده وعنده إنسان من بنى هاشم كان ينادمه أيام إدباره يقال له «أترجة»«٣١٤» فقلنا له: يا أمير المؤمنين نشتهي أن نبصر القلاية فقال: قوموا اصعدوا إليها قال: فصعدنا فرأينا أمرا هائلا ما كنا نظن أن الله عز وجل يخلق مثله إلا في الجنة فمددت يدي وأخذت غزالا من عنبر قد عملت [٥٥ أ] عيناه [من] حبّتي جوهر وعليه سرج ولجام وركاب من ذهب في غاية الحسن والملاحة ووضعته في كمي ثم خرجنا فقال: كيف رأيت القلاية؟ فذكرت له أنى رأيت ما هالني. فقال له أترجة: يا سيدي في كمه غزال عنبر قد سرقه من القلاية