وبعد موت الموفق أبى أحمد بأيام، دخل أحمد بن الموفق على عمه المعتمد على الله بسامراء وقصّ عليه المنام وقال: إن لم تخلع ابنك من العهد برضاك فأنا أخلعه بعدك فإن أمير المؤمنين عليّا- كرم الله وجهه- ولّانى هذا الأمر. فخلع ابنه وولّاه العهد بعده.
وقدم المعتمد بغداد ونزل بالقصر الحسنى «٣٦٨» الّذي هو اليوم دار الخلافة ومات به في رجب سنة تسع وسبعين ومائتين وكان موته [٦٣ ب] بعد موت الموفق بسنة وكان أسنّ من الموفق بستة أشهر. والبحتري لم يدرك خلافة المعتضد وإنما أدرك إمارته. ورثى الموفق بالنونية وهي:
نسعى وأيسر هذا السعي يكفينا ... لولا تطلّبنا ما ليس يعنينا
نروض أنفسنا أقصى رياضتها ... على مواتاة دهر لا يواتينا
إن أنت أحببت أن تلقى ذوى أسف ... على فقيدهم فاحلل بوادينا
رزية من رزايا الدهر شاغلة ... لناصر الدين عن أن ينصر الدينا «٣٦٩»
وكان الخليفة بالحقيقة في زمان المعتمد هو الموفق الناصر لدين الله، ولم يكن للمعتمد منها إلا الاسم.
أما وزراء المعتمد «٣٧٠» : فأولهم عبيد الله بن يحيى بن خاقان، وثانيهم الحسن بن مخلد ثم سليمان بن وهب ثم إسماعيل بن بلبل ثم صاعد بن مخلد ثم إبراهيم بن المدبر، هؤلاء كلهم إنما كان يوليهم الموفق ومرجعهم إليه.