الحضرة ويهوّن عليه أمر الخلافة وكان إماميّا لا يرى خلافة بنى العباس. واتفق رأى الخليفة وابن رائق على إن قطعت يده «٤٦١» على ملأ من الناس وكتب رقعة من الحبس إلى أخيه أبى عبد الله بيده اليسرى وما تغيّر خطّه عما عهده. وكتب من الحبس رقعة إلى بعض الكتّاب من أصدقائه «٤٦٢» :
ترى حرمت كتب الأخلّاء بينهم ... أبن لي أم القرطاس أصبح غاليا [٧٩ أ]
فما كان لو ساءلتنا كيف حالنا ... وقد دهمتنا نكبة هي ما هيا
أخوك الّذي يرعاك عند شديدة ... وكلّا تراه في الرخاء مراعيا
فهبك عدوّى لا صديقي فربما ... يكاد الأعادي يرحمون الأعاديا
وله وهو في الحبس بعد ما قطعت يمينه:
ما طلبت الحياة لكن ... توثّقت بأيمانهم فبانت يميني
كم تحرّيت ما استطعت بجهدي ... حفظ أرواحهم فما حفظوني
ليس بعد اليمين لذّة عيش ... يا حياتي بانت يميني فبيتي «٤٦٣»
وفي سنة سبع وعشرين تغيّر الخليفة على ابن رائق فاستتر ووصل بجكم إلى بغداد فولّاه الخليفة إمارة الأمراء وطوّقه وسوّره «٤٦٤» .
وفي هذه السنة خرج الراضي باللَّه لمحاربة بنى حمدان ومعه الأمير بجكم، وحين وصلوا إلى تكريت وصل الخبر إليهم بظهور ابن رائق ببغداد واستيلائه عليها والتحاق أكثر القرامطة به فتمّوا إلى الموصل فهرب بنو حمدان من الموصل. وكان الراضي يقول: «حصلنا من الخلافة على قصبة الموصل» . ثم صولح ابن حمدان على مال أدّاه وعاد الخليفة. وتقرر أمر ابن رائق على أن ولّى الشام والعواصم وقنسرين فسار إليها «٤٦٥» .
ثم وصل الخبر بظهور بنى بويه «٤٦٦» الديلم وأنهم ثلاثة إخوة تقاسموا بلاد الإسلام، وكان الأكبر منهم عماد الدولة أبو الحسن، عليّ بن بويه، والأوسط ركن الدولة أبو عليّ، الحسن بن بويه، والأصغر أبو الحسين، أحمد بن بويه. وكانوا أولاد صيّاد.
وجاء الخبر من واسط بأن أحمد بن بويه قصد نواحيها فانحدر [٧٩ ب] إليه