ونزل دار مؤنس المظفر التي كان ينزلها من يتولّى إمارة الأمراء. ولقّبه الخليفة ب «ركن الدين ملك الإسلام والمسلمين، برهان أمير المؤمنين» .
وفي هذه السنة توفى قاضى القضاة أبو عبد الله، محمد «٥٦٦» الدامغانيّ- رحمة الله عليه-.
وفي يوم الخميس لثمان بقين من المحرم سنة ثمان وأربعين وأربع مائة عقد الخليفة عقدا على خديجة «٥٦٧» المدعوّة أرسلان خاتون بنت الأمير جغري بك والى خراسان، وهو أخو ركن الدولة، وكانت خديجة هذه مسمّاة لابن الخليفة ذخيرة الدين «٥٦٨» . وكان ولىّ عهد المسلمين، وكان قد جرى بين الخليفة وبينهم في ذلك مراسلات قبل دخولهم بغداد، واتفق موت ذخيرة الدين قبل دخولهم فخطبها الخليفة لنفسه. وحين توفى ذخيرة الدين كانت له جارية حامل فوضعت في جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وأربعمائة ابنا سمّى عبد الله وكنّى أبا القاسم ولقّب بعدّة الدين وعمدة الإسلام والمسلمين وأقيم اسمه على المنابر مقام اسم أبيه وهو المقتدى بأمر الله.
ومات القاضي أبو الطيب الطبري «٥٦٩» وقاضى القضاة أبو الحسن الماوردي «٥٧٠» في سنة خمسين وأربع مائة قبل عود البساسيري إلى بغداد بأيام.
أما البساسيري فإنه انضم إليه نور الدولة أبو الأغر دبيس بن عليّ بن مزيد الأسدي وقريش بن بدران صاحب الموصل وديار ربيعة. وكاتب المستنصر يحسّن له [٩٤ ب] ما في نفسه من قلع دولة بنى العباس وإزالة ملكهم ويطلب منه العساكر والعدّة. فجاءته العساكر تتقاطر وأمدّوه بالأموال والأسلحة وأقيمت الدعوة للمستنصر باللَّه بالموصل والشام ونقلوا جميع المنابر ببلاد الشام وديار ربيعة من يسار القبلة إلى يمينها وتظاهروا بالأعلام البيض وانضاف إليهم كل عسكر كان بين الموصل ومصر إلا نصر الدولة أحمد «٥٧١» بن مروان فإنه افتدى نفسه منهم بالأموال بعد ما أقام الدعوة للمستنصر وخوطب من حضرته بالأمير الأجلّ عزّ الدولة وعمادها، ذي الصرامتين سعد الدين، مولى أمير المؤمنين.