للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يشرب الخمر ولا يلبس الحرير، ولم تطل مدّته في الوزارة لأن فخر الدولة بن جهير قصد السلطان جلال الدولة أبا الفتح ملك شاه ومعه أولاده الثلاثة وهم عميد الدولة أبو منصور وزعيم الرؤساء أبو القاسم «٦٠٥» والكافي جهير.

وكان نظام الملك معتقدا فيهم مراعيا لهم فزوّج بنت بنته «٦٠٦» وهي بنت رئيس جرجان من عميد الدولة وكان اسمها «صفيّة» ونفذ إلى الخليفة المقتدى بأمر الله يلزمه بعزل الوزير أبى شجاع وتولية عميد الدولة مكانه ولم يكن للخليفة بدّ من إجابة سؤاله، فعزل الوزير أبا شجاع وولّى عميد الدولة. وفيه يقول القائل «٦٠٧» :

قل للوزير إذا باهى برتبته ... كل البريّة واستعلى بمنصبه [١٠٢ أ]

لولا صفيّة ما استوزرت ثانية ... فاشكر حرا صرت مولانا الوزير به

ثم إن الوزير أبا شجاع حج وجاور بالمدينة وكان هو بنفسه يتولّى خدمة التربة الشريفة المقدسة، وكان يكنسها كل يوم، وجمع من ترابها ما عمل منه لبنة وأمر أن توضع إذا مات تحت خدّه ففعل به ذلك، وتربته بالبقيع- رحمة الله عليه ورضوانه- «٦٠٨» .

ثم ولى نظام الملك فخر الدولة بن جهير ديار بكر ونفذ معه العساكر فسار إليها وفتحها وأزال ملك بنى مروان ظنّا منه أن ذلك يبقى عليه وعلى عقبه. وبعد مدة يسيرة عزل عنها وولّى مكانه القوام أبو على التكشى «٦٠٩» .

وكان يتفاخر ويقول: أنا إذا قمت لبعض شأنى بادر وزير الخليفة لتقديم نعلى يعنى عميد الدولة ولده. وكان في عميد الدولة من الكبر وقلة المبالاة بالناس ما لم يكن في أحد قبله من الوزراء ولا من الخلفاء «٦١٠» .

حكى إنسان من كتّاب واسط يعرف بابن العرمرم قال: صحبته من أصفهان إلى بغداد وكنت أتوكّل له وأخدمه في خاصّه فما كان يأمرني إلا مكاتبة أو مراسلة وما كان يشافهنى بشيء إلا في الندرة. ونفذ إليّ يوما وقال: إذا رفعت إليّ قصة لصاحب حاجة فكتبت على رأس القصة «يتعهّد» فأعطه عشرة دنانير، وإن كتبت

<<  <   >  >>