للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«يتفقد» فأعطه خمسة دنانير، فإن كتبت «يراعى» فأعطه ثلاثة دنانير فإن هذه المقادر لا أكتبها بخطي. قال: فلما وصلنا إلى بغداد شكوت ما جرى عليّ منه في الطريق إلى بعض خدمه المختصين به فأوصل ذلك إليه فقال [١٠٢ ب] :

أو يستزيدنى هذا الأحمق في إيناسي له وكلامي معه وقد تكلّمت معه من باب أصفهان إلى بغداد أربع عشرة كلمة؟ وإذا به عدّها وأنا أظنّه يكذب فإنّها لم تبلغ هذا القدر.

وكان له فرّاش، له في خدمته السنين الطويلة ما فاتحه قط، فصبّ يوما على يده ماء حارّا فقال لخادم كان بين يديه: ادع بحاجب فدعا بحاجب فلما حضر قال للحاجب:

مره يمزجه فأمره فمضى الفرّاش ووضع المسينة من يده وحلف بالطلاق الثلاث: إنني لا خدمت هذا الرجل أبدا. قيل له: ولم؟ قال: لي قريب من ثلاثين سنة في خدمته وقد استنكف أن يأمرني بمزج الماء فاستدعى الحاجب وأمره ليأمرنى، وخرج وما عاد إلى داره.

وفي «٦١١» سنة خمس وسبعين [وأربع مائة] سار الشيخ الإمام أبو إسحاق الشيرازي رسولا «٦١٢» من المقتدى إلى السلطان ملك شاه بعد أن أوصله الخليفة إليه وفاوضه شفاها وشكا من العميد أبى الفتح ابن أبى الليث «٦١٣» شفاها ووصل [إلى خراسان] وناظره الإمام أبو المعالي الجويني «٦١٤» ، وكان في صحبته من أكابر تلامذته الشاشي وابن قنان والطبري وكان معه جمال الدولة عفيف الخادم «٦١٥» وإليه تنسب المكارم، وعاد الشيخ أبو إسحاق إلى بغداد والقلوب إلى حضرته متعطّشة والعيون من غيبته مستوحشة، ثم توفى- قدس الله روحه- ليلة الأحد الحادي والعشرين من جمادى الآخرة سنة ست وسبعين وأربع مائة، ورتّب مؤيد الملك «٦١٦» أبا سعد المتولي «٦١٧» مدرسا فلم يرض نظام الملك وجعل التدريس للشيخ الإمام أبى نصر الصبّاغ «٦١٨» صاحب كتاب الشامل والمحتوى على الفضائل، فاتفق [١٠٣ أ] خروج مؤيد الملك وخرج معه المتولّي وعاد متولّيا في رتب السمو متعلّيا وقد نعت ب «شرف الأمة» ، وكان من أكابر الأئمة.

<<  <   >  >>