خلائق من العرب والترك والأكراد والتركمان وقصد همذان فحين وصل إلى كرمانشاه وصله الخبر بأن السلطان غياث الدنيا والدين أبا الفتح مسعود بن ملك شاه متوجّه نحوه ومحدّث نفسه بدفعه ومحاربته فحينئذ استدعى المسترشد باللَّه الوزير شرف الدين أبا القاسم عليّ بن طراد الزينبي وكمال الدين أبا الفتوح حمزة بن طلحة صاحب المخزن وسديد الدولة بن الأنباري وجماعة من خواصّ دولته ووجوه أجناده وقوّاده وقال لهم: كنّا نظن أن هؤلاء القوم لا يحاربون الله ورسوله بإشهار السيوف في وجوهنا وقد بلغنا قصدهم لنا وتوجههم نحونا بنيّة المحاربة. وكان ألقى إلى سمعنا أنّا إذا جاوزنا حلوان تتقاطر [١١٢ أ] عساكر الدنيا إلينا وقد بان لنا أن الأمر بالضد من ذلك فإن كل من كنّا نظنه ينضاف إلينا قد انضاف إليهم وصار معهم. ثم معنا عسكر ثقيل والخزائن فارغة وإن أمرجناهم في أموال المسلمين خفنا عواقب الظلم.
فقال له شرف الدين الزينبي: يا مولانا ها هنا موضع الاستشارة، قد كنّا أشرنا عليك وأنت ببغداد أن تلزم سرير ملكك ولا تجعل هؤلاء خصومك فإنّهم يرون أنفسهم بعين عبيدك وأتباعك فلم تقبل وحيث خرجت ووصلت إلى هذا المكان وقد بقي بيننا وبين القوم مرحلة فليس الصواب إلا أن تصمّم العزم على لقائهم والنصر من عند الله تعالى.
وكان هذا الحديث يوم السبت عاشر شهر رمضان سنة تسع وعشرين وخمس مائة، فلما كان صبيحة يوم الأحد ركب الخليفة بنفسه ورتّب الميمنة والميسرة، ونشروا الأعلام وضربوا الدبادب والبوقات وكانوا على تلك الهيئة إلى وقت الظهر وما جاءهم أحد فقالوا هرب العدوّ وتباشروا وطابت نفوسهم وأصبحوا يوم الاثنين وفعلوا مثل فعلهم يوم الأحد وساروا صفّا واحدا والخليفة في القلب مع أتراك بغداد والقرّاء وأصحاب السواد والسلاحية الخاصة وشرف الدين عن يمينه وكمال الدين عن يساره والجنائب تنقاد بين يديه وهم لا يظنون أن أحدا يثبت بين أيديهم. فلما تعالى النهار أمر الخليفة بضرب سرادق أسود فضرب ظنّا منه أن هذه النوبة تكون مثل نوبة