ومن جملة من بويع له بالخلافة في زمن بنى أمية، أبو بكر، عبد الله بن الزبير ابن العوام بويع له بالخلافة واستولى على الحرمين والعراق والجبال وخراسان ثلاث عشرة سنة ولم يبق في يد عبد الملك سوى الشام ومصر والمغرب إلى أن قتله الحجاج وصلبه على الكعبة على ما سبق شرحه. وكان أخوه مصعب بن الزبير زوج سكينة بنت الحسين أميرا من قبله على العراق إلى أن قتله المختار بن أبى عبيد وحين قتل الحجاج المختار بن [أبى] عبيد. قال شيخ من أهل الكوفة: لقد رأيت عجبا، دخلت إلى قصر الإمارة بالكوفة في يوم قتل الحسين وعبيد الله بن زياد جالس وبين يديه رأس الحسين على ترس ثم طالت المدة حتى دخلت قصر الإمارة بالكوفة فرأيت مصعب بن الزبير جالسا في ذلك الموضع بعينه وهو الرواق وبين يديه رأس عبيد الله بن زياد على ترس ثم بعد مدة يسيرة دخلت إلى ذلك القصر بعينه ورأيت المختار بن [أبى] عبيد [٩ ب] جالسا في ذلك الرواق بعينه وبين يديه رأس مصعب بن الزبير على ترس واليوم دخلت إلى ذلك القصر ورأيت الحجاج جالسا في ذلك الرواق وبين يديه رأس المختار على ترس «٥٠» .
ومن جملة من بويع له بالخلافة في أيامهم محمد بن الحنفية والضحاك بن قيس بن خالد وعمرو بن سعيد بن العاص [بن سعيد بن العاص] بن أمية «٥١» . وحين قتله عبد الملك بن مروان قال رجل من أهل الشام: اليوم ضحّى بنو أمية بالكرم كما ضحّوا يوم كربلاء بالدين «٥٢» . ومنهم عبد الرحمن بن الأشعث الكندي ويزيد «٥٣» بن المهلب بن أبى صفرة الأزدي وعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب «٥٤» . ولم يتم لواحد من هؤلاء أمر، إلى أن انتقل الحق إلى أهله ورجع إلى مستحقّه، وأفضت الخلافة إلى من وعد الله ورسوله بها لورثته. فإنه روى في الصحاح عن النبي- صلّى الله عليه وسلم- أنه حين استسقى ليلة الجن أتاه العباس بماء فشربه ثم قال فيه العباس- رضوان الله عليه- يمدحه بأبيات طويلة منها «٥٥» :
من قبلها طبت في الظلال وفي ... مستودع حيث تخصف الورق