وأبو جعفر عبد الله فدلّه بعض شيعتهم على رجل باقلاني وقال: هو يعرف أحوالهم.
فقصد الباقلاني فحين رآه عرف أنه الداعي إلى آل محمد وقال له: أريد وديعتي التي عندك.
فقال له الباقلاني: قم معى وتسلّمها وقام من دكانه ومضى معه إلى بيته وأنزله إلى سرداب مظلم وهما فيه فسلّم عليهما وتحدث معهما في أمر الخلافة وأنه إن حدث بالإمام إبراهيم في الحبس حادث فالإمام بعده من يكون؟ فقال أبو العباس: أنا، وقال أبو جعفر: أنا. فقال: الآن بعد ما اختلفتما فلا بدّ من الرجوع إلى الإمام ليعين على أحدكما. وخرج «٦١» من عندهما ومضى راجلا إلى دمشق ووقف لمروان في الميدان يدعو له ويسأله أن يجمع بينه وبين إبراهيم بن محمد. فقال له مروان: وما لك وله؟
فقال أبو مسلم: يا أمير المؤمنين إني امرؤ فقير ولى عيال وكان في يدي شيء أعود به على عيالي فدخلت الكوفة بنيّة الحج فأودعته عند إبراهيم بن محمد وهو في حبسك وما أظنه يستحل مالي ولا شك أنه قد سلّمه من إنسان أو وضعه في مكان. وأسأل أمير المؤمنين أن يأمر بالجمع بيني وبينه لأسأله عنه. فقال مروان لبعض حجابه:
امض به إلى الحبس واجمع بينه وبين إبراهيم واحفظ ما يجرى بينهما وأعلمنى به.
فمضى معه إلى أن دخلا على إبراهيم فسلّم عليه أبو مسلم فرد عليه السلام [١١ ب] فقال له أبو مسلم: وديعتي التي أودعتها عندك عند من هي حتى أتسلّمها منه؟ فقال له إبراهيم: وديعتك عند ابن الحارثية وكانت أم السفاح، ريطة بنت عبيد الله بن عبد الله الحارثية. فقام وخرج ومضى الحاجب وأخبر مروان بما جرى بينهما. ورحل أبو مسلم عن فوره من دمشق فلما كان في بعض الطريق وصلته وفاة إبراهيم في الحبس فجاء حتى قدم الكوفة وقصد دكان الباقلاني ووقف بإزائه فحين رآه عرفه وقام معه وجاء به إلى ذلك السرداب فدخل إليه وهما فيه فعزّاهما عن إبراهيم وقال: أيكما ابن الحارثية؟
فقال أبو جعفر: أخى. وقال أبو العباس: أنا. فقال لأبى العباس: مدّ يدك بايعتك على كتاب الله وسنّة رسول الله وسيرة الشيخين أبى بكر وعمر، قبلت؟ قال: قبلت ذلك. فقال أبو مسلم: يا أبا جعفر بايع أخاك فمدّ إليه يده وبايعه واحتقدها أبو جعفر