أو خذوا بثأره فتمسكوا به وسحبوه من بين يدي المنصور إلى أن أخرجوه إلى الرحبة وشهروا السيوف لقتله فقال لهم: يا قوم لا تعجلوا فإن أخاكم حىّ يرزق فصيروا إلى منزلي حتى أسلّمه إليكم. فساروا معه إلى منزله وتسلّموه منه وعرفوا حقيقة الحال في أمره وبطلت حيلة المنصور. ثم قبض عليه بعد ذلك وحبسه في بيت فسقط عليه البيت فمات «٧٦» .
وفي سنة خمس وأربعين ومائة شخص المنصور إلى بيت المقدس فصلى فيه وعاد.
وفي هذه السنة خرج «٧٧» محمد بن عبد الله بن حسن بن عليّ بالمدينة وادعى الخلافة وقتل أميرها رباح بن عثمان ونفذ إليه المنصور عيسى بن موسى فحاربه وهزمه وقتله وجاء برأسه إلى المنصور وبسلبه وكان في جملة سلبه ذو الفقار. فحين رآه المنصور طار فرحا وكان عرضه ثلاثة أشبار ونيفا وعدّوا فقره فكانت ستا وثلاثين فقرة من الجانبين، من كل جانب ثماني عشرة. وبعد قتله خرج أخوه إبراهيم بن عبد الله بالكوفة فنفذ إليه المنصور عيسى بن موسى فلقيه بقرية تعرف بباخمرى «٧٨» وكسره وأسره وقتله وجاء برأسه إلى المنصور.
وفي سنة سبع وأربعين [ومائة] طلب المنصور من عيسى بن موسى أن يخلع نفسه «٧٩» عن العهد ويقدم عليه المهدي بن المنصور ويكون ولىّ العهد بعد المهدي فلم يفعل فبذل له عن ذلك ثمانين ألف دينار ومائة [تخت][١٥ ب] من الديباج الخسروانى وإمارة الكوفة [ففعل] . وكان المنصور قد شغّب عليه الجند فخاف على نفسه منهم فبادر إلى الخلع «٨٠» . وفيه يقول الشاعر «٨١» :
كره الموت أبو موسى وقد ... كان في الموت نجاء وكرم
خلع الملك وأضحى لابسا ... ثوب ذل لا ترى منه القدم
ورحل ومضى إلى عمله فحين دخل الكوفة عارضته امرأة «٨٢» وهي تقول لأخرى: هذا الّذي كان غدا فصار بعد غد «٨٣» .
وفي هذه السنة حج المنصور بالناس وحين عاد نزل بالأنبار وكان الإمام أبو حنيفة- رحمه الله- بالكوفة فدعاه وسأله أن يتقلد قضاء القضاء فأبى فقال: لا بد من