عمّتهم لك سخطة لم تبق منهم باقيه ... بعد الإمارة والوزارة والأمور العالية
وهي طويلة يقول في آخرها:
يا عطفة الملك الرضىّ عودي علينا ثانيه
فكتب الرشيد في جوابه «١٦١» :
يا آل برمك إنما كنتم ملوكا عاتيه ... فطغيتم وكفرتم وجحدتم نعمائيه
هذا الجزاء لمن عصى معبوده وعصانيه
ثم كتب تحت الأبيات: «ضَرَبَ الله مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً ... ١٦: ١١٢ الآية» «١٦٢» إلى آخرها. فلما قرأ يحيى الأبيات أيس من نفسه، وسمّوه بعد ذلك بأيام.
ولما أحس بالسم أدخل يده في دواة كانت عنده ورفع المداد على إصبعه وكتب على الحائط: «قد تقدم المدعى والمدعى عليه على الأثر والحاكم لا يحتاج إلى بيّنة» «١٦٣» .
وانقضت دولة البرامكة وزال ملكهم، فسبحان من لا يزول ملكه، وفيهم يقول القائل «١٦٤» .
يا بنى برمك واها لكم ... ولأيامكم المقتبله
كانت الدنيا عروسا بكم ... وهي الآن ثكول أرمله
وللرشيد «١٦٥» حين قتل جعفر:
لو أن جعفر هاب أسباب الردى ... لنجا بمهجته طمرّ ملجم
ولكان من حذر المنية حيث لا ... يسمو لموضعه العقاب القشعم [٢٩ أ]
لكنه لما أتاه يومه ... لم يدفع الحدثان عنه منجّم
وقيل فيهم لما تقلد بعدهم الفضل بن الربيع وزارة الرشيد:
كل وزير أغير مرتبة ... من بعد يحيى مشف على غرر
صالت عليه من الزمان يد ... كان بها صائلا على البشر