للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ٢: ١٥٦ فنيت والله الأيام وانقضت المدة، هذه والله تلك اليد التي رأيتها في منامي. وآيس من نفسه. ثم أمر فأخرجت المضارب إلى الصحراء وعسكر بباب طوس وبقي أياما. وكان يحب من الثياب الخز وكان قد وصله في تلك الأيام من العراق ألف ثوب خز كلها أسود كان أمر باستعمالها، بعضها لأجل الكسوة وبعضها لأجل المضارب وبعضها لأجل الفرش وأمر بتفصيلها وخياطتها واتخذ منها سرادقا وخيمة كبيرة «١٦٩» . وكان حين اشتد به الأمر خاف أن يموت ويتخلص بنو رافع من [٣٠ أ] الحبس ويخرجون على أولاده. فأمر يوما بإحضارهم فدخلوا عليه يحجلون في قيودهم وهو في خيمة كبيرة من الخز الأسود وتحته مطرح خز أسود وهو متكئ على مخادّ خز أسود وفرش السرادق والخيمة كله من الخز الأسود وعلى بدنه عدة جباب بعضها فوق بعض كلها من الخز الأسود وعلى رأسه عمامة خز أسود، فأخذ يذكّرهم بأفعالهم ويوافقهم على ما صدر منهم من إخراب خراسان واقتطاع الأموال وظلم الرعية وهو يحدثهم وهو في النزع ثم أمر بالأكبر منهم وكان رئيسهم ومقدمهم فسلخ جلده وحين انتهى السلخ إلى سرته مات فخرجت روحه وروح الرشيد في وقت واحد «١٧٠» وذلك في يوم السبت ثانى جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة. وكان للرشيد في ذلك اليوم خمس وأربعون سنة وشهور. وكان قد أمر بجميع ما معه من المضارب والأسلحة والجواهر وسائر ما كان في الخزائن للمأمون وكان في صحبته «١٧١» ، وقال: إن لي ببغداد مثل ما معى ها هنا وأكثر فيكون ذلك للأمين. إلا أن الفضل ابن الربيع غلب المأمون على ذلك وأخذ الجميع وعاد به إلى بغداد. وكان ذلك أول استشعار الفضل بن الربيع من المأمون لتقبيحه عليه وأسرّها المأمون في نفسه.

وحين واروه ودفنوه، صعد المأمون منبر طوس وحمد الله وأثنى عليه وذكر المصطفى- صلوات الله عليه وسلامه- وأصحابه الأكرمين بعده [٣٠ ب] ثم ترحم على الرشيد ودعا لأمير المؤمنين محمد الأمين وأخذ البيعة لأخيه بالخلافة وله بولاية العهد بعده وقام إنسان «١٧٢» فأنشده:

<<  <   >  >>