رأس الأمين ولديه عبد الله وموسى والبردة والقضيب والخاتم. وحين رأى المأمون ولدى الأمين ضمّهما وقبّلهما وأكرم مثواهما وأحضر الفقهاء والقضاة وزوّجهما ابنتيه.
وفي هذه السنة نفذ المأمون من خراسان جابر بن الضحاك وفرناس الخادم إلى المدينة لإحضار عليّ «٢٠٥» بن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبى طالب- رضوان الله عليهم أجمعين- فوصل إليه وهو بمرو فنهض له وأجلسه معه على السرير وولّاه العهد من بعده وضرب الدراهم والدنانير باسمه وكتب إلى الآفاق ببيعته وخلع السواد ولبس الخضرة الأسمانجونية، وزوّجه المأمون ابنته أم حبيب. وتزوج المأمون بورّان بنت الحسن بن سهل زوّجه إياها عمّها الفضل بن سهل وزير المأمون، كل ذلك في يوم واحد. وكان الفضل بن سهل وأخوه الحسن منجمين مجوسيين، كانا يدوران القرى ومعهما زنبيل فيه الأصطرلاب وقوت يقتاتان به فأفضى أمرهما إلى أن صار أحدهما وزير المأمون وهو الفضل وصار أخوه الحسن أمير العراق وهما من قرية من سواد واسط يقال لها فم الصّلح «٢٠٦» .
وحين عقد المأمون البيعة بالعهد لعلىّ بن موسى الرضا قال له: يا أمير المؤمنين إن هذا الأمر لا يتم فأعفنى منه فلم يعفه. ولما وصل توقيع المأمون إلى بغداد بالبيعة لعلىّ ابن موسى الرضا شق ذلك على بنى [٣٧ ب] العباس وقالوا: إن تمت البيعة لعلىّ ابن موسى فهو لا يعهد إلى عباسي قط وإنما يعهد إلى ولده أو إلى أحد من أهل بيته.
فاجتمع أمرهم على شق العصا على المأمون وخلعه من الخلافة فخلعوه وبايعوا بالخلافة إبراهيم بن المهدي الأسود المعروف بابن شكلة ثم لإسحاق بن موسى الهادي بولاية العهد بعده وذلك في المحرم سنة اثنتين ومائتين، واتصل الخبر بالمأمون فندم على ما كان صدر منه. واتفق أن المأمون في يوم عيد أمر عليّ بن موسى الرضا على باب مرو بالخروج والخطبة والصلاة بالناس، فخرج وعلى بدنه قميص أبيض وعلى رأسه قطعة كرباس «٢٠٧» بيضاء وهو يمشى بين الصفوف ويقول: اللَّهمّ صلّ عليّ وعلى أبويّ