لم سجدت؟ قال: نعم، قال: لماذا؟ قال الفضل: شكرا للَّه على أن أظفرك بعدوّك.
قال: لا والله بل شكرا للَّه تعالى كيف رزقني حلما أعفو به عن جرم مثلك «٢١٦» .
امض لحال سبيلك فقد عفوت عنك، ثم أمر فردّ عليه ما كان قد قبض في الديوان من أملاكه وخلع بعد ذلك عليه وأحسن إليه.
ثم إن المأمون أراد أن يبنى ببوران وكان قد أمهرها ألف ألف دينار، فقال أبوها للمأمون: يا أمير المؤمنين تجعل مهرها أن تبنى بها في قريتنا بفم الصّلح «٢١٧» فأجابه إلى ذلك. وأمر المأمون بعد ذلك لها بألف ألف دينار فأمر الحسن بن سهل فنثرت على العسكر يوم وصول المأمون إلى فم الصّلح.
وحكى «٢١٨» بعض وكلاء المأمون قال: انحدر في جملة المأمون إلى فم الصلح ثلاثون ألفا من الغلمان الصغار والخدم الصغار والكبار وسبعة آلاف جارية. وكان من يتبعهم يزيد على مائتي ألف نفس سوى سفن العسكر أربعة آلاف شبارة كبار وصغار فكنا نجري على ستة وثلاثين ألف ملاح.
وحين وصل المأمون إلى فم الصلح عرض العسكر [٣٩ ب] الّذي انحدر معه فكان أربع مائة ألف فارس وثلاث مائة ألف راجل. وكان الحسن بن سهل كل يوم يذبح في مطبخه ثلاثين ألف رأس من الغنم ومثليها من الدجاج وأربع مائة بقرة وأربع مائة فرس وأربع مائة جمل مدة مقامهم هناك ونفد الحطب من الرحال والآجام وأشجار الكروم فصاروا يعمدون إلى الخيم الكبار ويضربون النفط في أعمدتها وآلاتها من الأخشاب ويوقدونها تحت القدور «٢١٩» ، وجاف المعسكر من نتن كبود الحملان والدجاج وصار من ذلك على باب القرية مثل الجبل العظيم حتى احتاج الحسن بن سهل إلى أن نفذ إلى البوادي ومكارية القرى فأحضروا الجمال والبغال والحمير ونقلوا ذلك من موضعه في مدة ثلاثة أشهر ورموا به إلى دجلة وأراحت حافة دجلة إلى حد لم يمكن شرب الماء منها أياما عدة وكانت هذه الدعوة تسمى دعوة الإسلام. وحين بنى المأمون ببوران نثروا «٢٢٠» من سطح دار الحسن بن سهل على العسكر بنادق عنبر