إذا قال الترمذي:(هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن) وما في معناها من العبارات المتقدمة، فهنا احتمالان:
الأول: أن تكون الأحاديث التي وردت في الباب منها الصحيح عند الترمذي أو غيره من الحفاظ، ومنها ما دون ذلك؛ وعلى هذا يُعرف أن هذا الحديث صحيح.
وخلافه أن تكون كلّ الأحاديث التي وردت في هذا الباب ضعيفة، وبالتالي يكون هذا الحديث ضعيفًا عند الترمذي، ولكنّه الأقوى.
والاحتمال الثاني: أن تكون الأحاديثُ مختلفًا فيها من حيث الصحة والضعف، أو تكون صحتها غيرَ ظاهرة، أو يكون ضعفها كذلك غير ظاهر، وفي هذه الحالة يعسر معرفة مراد الترمذي، ولكن قد يُعرف بأمور أخرى خارجية، منها:
١ - تتبّع أحكامه على هذه السلسلة التي جاء بها هذا الحديث في كتابه "الجامع".
٢ - تتبع كلام الحفاظ على حديث الباب؛ لأن كلامهم في الغالب متفق، فالحديث الصحيح الذي تتبين صحَّته يتفقون على صحته غالبًا، كما يتفقون على ضعف الحديث الذي يتبين ضعفه، إنما يحدث الخلاف غالبًا في الحديث الذي لا تكون صحتُه بينة، فعندئذ تختلف فيه الأنظار، أو الحديث الذي تكون فيه علّة، قد يراها بعضهم كذلك ولا يراها غيرهم.
* * *
ومما قاله الترمذي في هذا المعنى:(أشهر حديث في الباب).
فقد أخرج حديث أبي سعيد ﵁ في استفتاح الصلاة، ثم قال: (وفي الباب عن علي، وعبد الله بن مسعود، وعائشة، وجابر، وجبير بن مطعم، وابن عمر.