للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتتبع كلامه على الأحاديث تصحيحا وتضعيفا؛ فإنه سوف يحصل له مراده بإذن الله تعالى؛ لأن أبا عيسى قد استعمل في هذا الكتاب كل المصطلحات التي ذكرها أهل العلم، بل وزاد عليها مصطلحات كثيرة لم تذكر، وكل ذلك مقرون بالناحية العملية، والأمثلة التطبيقية، لذا كان هذا الكتاب جديرا بالعناية من قبل طلبة العلم، هذا فضلا عما فيه من الصناعة الفقهية، فهو قد احتوى على هاتين الصناعتين، وقد بينت شيئا من ذلك في أثناء هذا "المدخل".

وهذا ليس خاصا بأبي عيسى، بل غيره من الأئمة؛ ينبغي تتبع كلامهم، ودراسة مناهجهم، والاحتفاء بأحكامهم، ومن هذا: سكوت أبي داود والنسائي والبيهقي عن الحديث بعد تخريجه، وعدم تعليل الخبر بعد إيراده، فإنه يفيد صحته عندهم -غالبا-، كما نص أبو داود على ذلك، وعُلم هذا من تصرفات النَّسَائِي، وأما البيهقي فقد ذكر أنه لا يسكت عن حديث ضعيف (١)، وكذلك إخراج أحمد للحديث في "مسنده" يدل على قوته


(١) قال البيهقي في "المدخل إلى علم السنن" (١/ ٤٤): (ثم إني رأيت جماعة من علمائنا خرّجوا ما وجدوا من السنن على مسائل الفقه من غير تمييز منهم، صحيحها من سقيمها، ولا قويها من ضعيفها، حتى ينزل جميعها من ليس الحديث من شأنه منزلة واحدة، لا يهتدي إلى منازلها في السقم والصحة، فأشرت في كل حديث أوردته إلى منزلته عند أهل العلم به.
فإن كان مما أخرجه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري رحمهما الله في كتابيهما، وهو الدرجة الأولى من الصحاح بينته، وإن كان مما أخرجه أحدهما دون الآخر، وبعضه دون الدرجة الأولى في الصحة، ذكرته.
وإن كان مما لم يخرّجاه ولا أحدهما، ولكن خرّجه أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني أو غيره من أئمة الحديث في كتابه محتجا به، وبعضه دون ما تقدم في القوة، ربما ذكرت المحتج به، وربما أطلقته. =

<<  <  ج: ص:  >  >>