للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنها محفوظةٌ أيضاً؛ لأن فيها قصةً، وهي ما جاء بأن زيد بن خالد كان يضع السواك في أذنه موضع القلم من أذن الكاتب، ومما يؤكد أيضاً صحة هذا الوجه؛ أن الراوي قد خالف الجادة في حديث أبي سلمة، وذلك أن الغالب على حديثه عن أبي هريرة كما هو معلومٌ، وعند الحفاظ أن من خالف الجادة يقدم على غيره؛ لأنَّه يدل على حفظه، وبالتالي كلا الوجهين قد جاء ما يدل على صحته.

وهذا وغيره ما جعل أبا عيسى يصحح كلا الوجهين، بخلاف البخاري الذي رجّح طريق زيد بن خالد، وبالتالي يكون قد حكم على طريق أبي هريرة بالخطأ، وهذا فيه نظر؛ لأن الحديث جاء من أوجهٍ أخرى عن أبي هريرة، فيكون قول أبي عيسى هو الأرجح.

وهذه قضيةٌ دقيقةٌ في "علم العلل"، وذلك أن كثيراً من الأحاديث الضعيفة أصلها أحاديثُ صحيحةٌ (١) أخطأ الراوي فيها، أو بعض


(١) ومثال ذلك: ما أخرجه الترمذي (١/ ٥٢٨): (حدثنا عقبة بن مكرم العمي البصري، قال: حدثنا عمرو بن عاصم، قال: حدثنا همام، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : "من لم يصلّ ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقد روي عن ابن عمر: أنه فعله.
ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث عن همام بهذا الإسناد نحو هذا إلا عمرو بن عاصم الكلابي، والمعروف من حديث قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح").
قلت: بيّن أبو عيسى أن الحديث الأول هنا أصلٌ للحديث الثاني، كما رواه الإمام أحمد (٨٥٧٠) قال: حدثنا عبد الصمد، حدثنا همام به. وأخرجه ابن خزيمة (٩٨٦)، وابن حبان (١٥٧٧)، من طريقه. وأخرجه الدارقطني (١٤٣٥)، والحاكم =

<<  <  ج: ص:  >  >>