للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رفعه: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" (١).

وقد روى هذا الحديث أيضاً محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، فجعله عن زيد بن خالد الجُهَني، ولفظه كالسابق، وزاد: "ولأخرت صلاة العشاء إلى ثلث الليل". قال: فكان زيد بن خالد يشهد الصلوات في المسجد وسواكه على أذنه موضع القلم من أذن الكاتب، لا يقوم إلى الصلاة إلا استن ثم رده إلى موضعه (٢).

فهل هذان الحديثان متغايران؟ أم هما حديث واحد أخطأ الراوي فيه، فعندئذٍ نحتاج إلى الترجيح بينهما؟

ذهب البخاري للثاني، قال الترمذي: (وأما محمد فزعم أن حديث أبي سلمة عن زيد بن خالد أصح).

قلت: وأما أبو عيسى فذهب إلى الأول، وأنهما حديثان متغايران، قال: (كلاهما عندي صحيحٌ؛ لأنَّه قد رُوي من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي هذا الحديث، وإنما صح؛ لأنَّه قد روي من غير وجه).

قلت: أنا أذهب إلى ما ذهب إليه أبو عيسى، وذلك:

أولاً: لأن الخبر رُوي عن أبي هريرة من غير وجهٍ، كما تقدم، وهذا يدل على أنه محفوظ.

ثانياً: أن محمد بن عمرو أقوى من محمد بن إسحاق، فهذا يؤيد كونه محفوظاً عن أبي هريرة.

ولكن مع ذلك لا أقول بأن طريق زيد بن خالد خطأ؛ فقد جاء ما يدل


(١) (١/ ٢٩٠).
(٢) (١/ ٢٩٠)، رقم ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>