للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عيسى: وهو قول غير واحد من أصحاب النبي والتابعين، ومن بعدهم؛ مثل أحمد، وإسحاق، قالوا: يُنضح بول الغلام، ويغسل بول الجارية، وهذا ما لم يَطعما، فإذا طعما غُسلًا جميعًا) (١).

قلت: هذا الحديث إسناده صحيح جدًا، فهو مسلسل بالثقات المشاهير، ولذا خرّجه الشيخان (٢)، وكأنه ذهل عن الحكم عليه.

* * *

ويمكن معرفة حكم الترمذي -أو ما يقرب من ذلك- على الأحاديث التي لم يحكم عليها بأحد أمرين:

الأول: أن ينظر إلى أمثالها من الأسانيد التي حكم عليها، فهذه يكون حكمها واحدًا غالبًا، فمن المعلوم أن كثيرًا من الأحاديث تتفق في الإسناد مع اختلاف المتن، لكن ليس هذا مطردًا؛ لأنه من المعروف أن للمتن تأثيرًا كبيرًا في الحكم على الحديث.

وأبو عيسى كثيرًا ما يتفنن في حكمه على الأخبار، فتراه يغاير بين الأحكام مع أن الأسانيد واحدة، بل أحيانًا إذا ذكر الحديث الواحد في أكثر من موضعٍ تجد أن حكمه قد يختلف من موضع لآخر، ولكن هذا الاختلاف غالبًا ما يكون في اللفظ وليس في المعنى، والأصل أن أحكامه مطّردة.

وبهذه الطريقة نقترب من معرفة حكمه على الأحاديث التي سكت عنها، هذا مع ملاحظة ما تقدم التنبيه عليه من أن اختلاف المتن قد يؤدي إلى اختلاف الحكم.

الثاني: أن يتتبع منهجه، ومعرفة طريقته في الحكم على الأحاديث،


(١) "جامع الترمذي" (٧٢).
(٢) "صحيح البخاري" (٢٢٣)، "صحيح مسلم" (٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>