للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هكذا روي هذا الحديث عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي .

وروى محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "من قتل نفسه بسم عذب في نار جهنم". ولم يذكر فيه: "خالدا مخلدا فيها أبدا". وهكذا رواه أبو الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي ، وهذا أصح؛ لأن الروايات إنما تجيء بأن أهل التوحيد يعذبون في النار ثم يخرجون منها، ولم يذكر أنهم يخلدون فيها) (١).

قلت: قوله: (وهذا أصح) يحتمل أن ما جاء في رواية الأعمش "خالدا مخلدا فيها" ليس بصحيح، بل هو غلط.

ويحتمل أنه أصح من حيث المعنى، وأن رواية الأعرج والمقبري مفسِّرة لرواية الأعمش عن أبي صالح، وأن القاتل لنفسه لا يخلد في النار إذا مات على التوحيد، كما هو مقرر عند أهل السنة والجماعة، وعلى هذا تكون رواية الأعمش صحيحة، ولكنها توجه بما تقدم، وهذا الذي أذهب إليه؛ لأن المصنف حكم عليها بالصحة فقال: (هذا حديث صحيح، وهو أصح من الحديث الأول). فكيف يضعفها! ويؤكد هذا أن الشيخين قد خرجاها (٢)، وبالتالي حكما بصحتها، ولا أعرف أحدا ضعفها، كيف وقد جاء ما يشهد لها في القرآن، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣)[النساء: ٩٣].


=رواه شعبة ووكيع وأبو معاوية عن الأعمش، بخلاف رواية عبيدة بن حميد التي فيها الشك في الرفع.
(١) "جامع الترمذي" (٢١٧٧ - ٢١٧٩).
(٢) "صحيح البخاري" (٥٧٧٨)، "صحيح مسلم" (١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>