وكذلك الأطباء إذا أرادوا حَسْمَ الداء منعوا صاحبه من الطرق والذرائع الموصَّلة إليه، وإلا فسد عليهم ما يرومون إصلاحَه، فما الظن بهذه الشريعة الكاملة التي هي في أعلى درجات الحكمة والمصلحة والكمال؟
ومَنْ تأمل مصادرها ومواردها علم أن اللَّه تعالى ورسوله ﷺ سدَّ الذرائع المُفْضِية إلى المحارم بأن حرَّمها ونهى عنها، والذريعةُ ما كان وسيلة وطريقًا إلى الشيء).
قال الشيخ عبد المحسن الزامل (١): (هذه القاعدة أصل عظيم من أصول الشرع، وهي عامة في جميع الأعمال، فتشمل جميع أحكام الشرع التكليفية.
والمراد بالوسائل: الطرق التي يُتوسل بها ويتوصل بها إلى أمور أخرى، هي مقصودة في نفسها، والوسائل ليست مقصودة، إنما هي طرق إلى هذه المقاصد، فعندنا الوسيلة حسب القصد، فإن كان القصد واجبًا كانت الوسيلة واجبة، وهكذا في المحرَّم والمستحبِّ والمباح والمكروه.
وقد جاء الشرع بإيجاب الطرق والوسائل إلى الأمور الواجبة، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
مثاله: الصلاة في المساجد جماعة واجبة، ولا يتوصل إليها إلا بالسعي إليها، فيكون السعي إليها واجبًا مهما كانت الوسيلة، سواء كان ماشيًا أو راكبًا، وإذا كان في المسجد وأقيمت الصلاة، فعليه أن يقوم إن كان قادرًا ويصلي، حتى يتحقق وجود هذا الواجب وهو الصلاة، وقِسْ على ذلك.
وهكذا المستحب: فالوسيلة إلى المستحب مستحبة، فمن قصد المسجد