بالمؤذيات، وإذا عم الحرام قطرًا بحيث لا يوجد فيه حلال إلا نادرًا، فإنه يجوز استعمال ما يحتاج إليه، ولا يقتصر على الضرورة. قال الإمام: ولا يتبسط فيه كما يتبسط في الحلال بل يقتصر على قدر الحاجة دون أكل الطيبات ونحوها مما هو كالتتمات. قال الشيخ أبو علي في كتاب الغصب من شرح التلخيص: ومن اضطر إلى مال غيره وترك الأكل هل يعصي؟ وجهان:
أحدهما: نعم؛ لأن عليه إحياء نفسه.
والثاني: له أن يستسلم للهلاك، كما لو قصده مسلم لقتله، قال: وهكذا الوجهان فيما لو احتاج لشرب الخمر للعطش.
ويجوز إتلاف شجر الكفار وبنائهم لحاجة القتال، وكذا إتلاف الحيوان الذي يقاتلون عليه؛ لدفعهم أو ظفر بهم.
ويجوز نبش الميت بعد دفنه للضرورة؛ بأن دفن بلا غسل أو لغير القبلة، أو في أرض أو ثوب مغصوب، لا للتكفين في الأصح؛ ولا ليدفن عليه آخر.
ويجوز غصب الخيطِ لخياطة جرح حيوان محترم إذا لم يجد خيطًا حلالًا.
والنجاسات إذا عمَّت البلوى بها يرتفع حكمُها.
ومنه الماء الذي يسيل من فم النائم إذا حكمنا بنجاسته وعمت بلوى شخص به، فالظاهر العفو، قاله النووي.
قال: ولو عمت البلوى بذرْق الطير (١)، وتعذر الاحتراز منه عفي عنه؛ كطين الشارع، وتصح الصلاةُ معه. وفي النكت للشيخ أبي إسحاق يعفى عن ذَرْق الطيور في المساجد. وكالعفو عن أثر الاستنجاء وسلَسِ البول.