القاعدة، وأشار إلى أن في صحتها نظرًا، وتكلم على قيود تُصَحّحُها، وقال ما معناه: (إذا كان الأمر الذي قصد المكلف إلى مخالفته، إن كان الأمر مطلوبًا للشارع، وكان مُسبَّبه يحث على سببه مثل الصلاة فهى مطلوبة من الشارع وتحقيقها فيه أجر عظيم، فالسبب وهو الصلاة يحصل مسببُه وهو الأجر العظيم في الدار الآخرة.
وهكذا مثل الصوم ما يترتب عليه من الأجر العظيم، فالمكلَّف يحرص على الصوم ويحرص على الصلاة، اللذين هما سبب من أسباب الأجر فإذا تعاطى المكلف أشياء قد تمنعه من القيام بما يجب أو يشترط للعبادة، أو مثل ما لو تعرض لأذى حتى لا يستطع القيام أو تسبب في إمراض نفسه حتى لا يصوم، فإنه لا يلتفت إلى قصده ويبقى الأجر على ما كان.
وإن كان غير مطلوب للشارع قال: ينظر إن كان هذا الأمر يهدم قاعدة من قواعد الشرع، فإنه لا يلتفت إلى قصده، ولا يعامل بنقيض قصده: مثل ما لو كان عنده سبب الزكاة وهو النصاب وشرطها، وهو الحول، فإيجاد النصاب وإيجاد الحول، ليس تحت قدرة المكلف، إنما المطلوب إذا وجد السبب والنصاب وجبت عليه الزكاة، فقال: لو تحايل في إسقاط الزكاة فإنه لا تجب عليه الزكاة.
وإن كان الذي تسبب المكلف في إسقاطه لا يهدم قاعدة من قواعد الشرع فإنه يعامل بنقيض قصده، مثل ما لو قتل مُورِّثه لكي يرثه، فإن هذا لا يهدم قاعدة من قواعد الشرع فيُحرَم من الميراث؛ لأن الميراث قد يسقط بين القريبين بسبب اختلاف دين أو بين الغرقى، إذا لم يعلم أولهما، المقصود أنه ذكر كلامًا نحو هذا، وكلامه هذا كله موضع نظر، وكثير من أمثلته التي أوردها ليقيّد بها هذه القاعدة لما يوافق مذهبه -عفا الله عنه-.