للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصواب: أن الآية عامة ليست مجملة كما قاله جمع من أهل العلم، فلذلك يجوز أن يشرط ما شاء إلا ما حرم الله ورسوله، وليس معنى ذلك أن يأتي إنسان جاهل بأمور البيع فيشترط ما شاء، هذا لا يجوز، المعنى: أنه يقدم على شيء لا يعلم تحريمه، أما أنه يقدم على شيء لا يعلم حله ولا تحريمه فلا يجوز له ذلك؛ لأنه قد يقدم على شيء محرم، ولهذا نص أهل العلم: أنه يجب على من أراد أن يعمل عملًا من الأمور أن يعلم أحكامه على الجملة، وليس على التفصيل) (١).

وقد أشار الشيخ عبد المحسن الزامل في شرح القواعد السعدية إلى أن المباحات قد تنقلب بالنية إلى عبادات يؤجر المرء عليها، فقال (٢): (المباحات في أصلها ليست عبادة، لكن تكون عبادة بالنية، فتنقلب المباحات إلى عبادات بالنية، فمن قصد وجه الله بهذه العبادات فإنه يكون متعبدًا له ، ومأجورًا بنيته هذه، وهو واضح في عمل الإنسان في أمور كثيرة يمكن أن تنقلب فيها المباحات إلى عبادات.

فالإنسان قد يصل رحمه مثلًا على جهة العادة، خشية أن يقولوا ما زارنا فلان، فيكون أمرًا مباحًا لا له ولا عليه، لأنه لم يقصد وجه الله ، لكن إذا كان قد يقطع رحمه لو لم يخشَ ذلك، فقد يكون بهذه النية ارتكب أمرًا ممنوعًا.

فالإنسان إذا وصل رحمه على سبيل العادة، فبمجرد هذه النية في أصلها يكون لا له ولا عليه، لكنه يستطيع أن يقلبها إلى عبادة بأن ينوي وجه الله ببره لأقاربه وصلة الأرحام، وينوي بذلك تحصيل الأجر الذي جاء في بر الأقارب وصلة الأرحام.


(١) ينظر: المصدر السابق (ص ٧٠).
(٢) ينظر: المصدر السابق (ص ٦٥).

<<  <   >  >>