للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استدامة الطيب دون ابتدائِه، وأن السنة أن يسلم في الصلاة عن يمينه وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله.

وأن خيار المجلس ثابت في البيع، وأن المصرَّاة يرد معها عوضَ اللبن صاعًا من تمر، وأن صلاة الكسوف بركوعين في كل ركعة، وأن القضاء جائز بشاهد ويمين، إلى أضعاف أضعاف ذلك من المسائل، ولهذا صرح الأئمة بنقض حكم من حكم بخلاف كثير من هذه المسائل، من غير طعن منهم على من قال بها (١).

وعلى كل حال فلا عذر عند الله يوم القيامة لمن بلغه ما في المسألة من هذا الباب وغيره من الأحاديث والآثار التي لا معارض لها إذا نبذها وراء ظهره، وقلد من نهاه عن تقليده (٢)، وقال له: لا يحل لك أن تقول بقولي إذا خالف السنة، وإذا صحَّ الحديث فلا تعبأ بقولي، وحتى لو لم يقل له ذلك، كان هذا هو الواجب عليه وجوبًا لا فسحةَ له فيه، وحتى لو قال له خلاف ذلك، لم يسَعْه إلا اتباع الحجةِ، ولو لم يكن في هذا الباب شيءٌ من الأحاديث والآثار ألبتة).


(١) لأن الطعن في الأئمة يوجب العداوة والبغضاء والتعصب الأعمى بين المسلمين وهي أمور محرمة، ولو أن كل عالم أخطأ طعن عليه لما بقي لنا أحد من الأئمة، لأنهم جميعًا غير معصومين.
(٢) وقد سبق كلام الإمام الشافعي في ذلك، وقال الشيخ تقي الدين ابن تيمية : (وأحمد بن حنبل نهى عن تقليده وتقليد غيره من العلماء في الفروع، وقال: لا تقلد دينك الرجال فإنهم لن يسلموا أن يغلطوا، وقال: لا تقلدني ولا مالكًا ولا الثوري ولا الشافعي؛ وقد جرى في ذلك على سنن غيره من الأئمة؛ فكلهم نهوا عن تقليدهم كما نهى الشافعي عن تقليده وتقليد غيره من العلماء، فكيف يقلد أحمد وغيره في أصول الدين؟ وأصحاب أحمد، مثل: أبي داود السجستاني، وإبراهيم الحربي، وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والبخاري ومسلم، وبقي بن مخلد، وأبي بكر الأثرم، وابنيه صالح وعبد الله، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ومحمد بن مسلم بن وارة، وغير هؤلاء الذين هم من أكابر أهل العلم والفقه والدين؛ لا يقبلون كلام أحمد ولا غيره إلا بحجة يبينها لهم، وقد سمعوا العلم كما سمعه هو، وشاركوه في كثير من شيوخه، ومن لم يلحقوه أخذوا عن أصحابه الذين هم نظراؤه، وهذه الأمور يعرفها من يعرف أحوال الإسلام وعلمائه). ينظر: مجموع الفتاوى (٦/ ٢١٥).

<<  <   >  >>