وجوبه بعد وجوبه، وليس في ذلك تغيير لأحكامه، بل كل ذلك من أحكامه، فهو الذي أحل وحرم وأوجب وأسقط، وإنما إلى العبد الأسباب المقتضية لتلك الأحكام ليس إلا، فكما أن شراء الأمة ونكاح المرأة يُحلُّ له ما كان حرامًا عليه قبله، وطلاقها وبيعها بالعكس؛ يحرمها عليه ويسقط عنه ما كان واجبًا عليه من حقوقها، كذلك التزامه بالعقد والعهد والنذر والشرط، فإذا ملك تغييرالحكم بالعقد ملكه بالشرط الذي هو تابع له، وقد قال تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٩]، فأباح التجارة التي تراضى بها المتبايعان، فإذا تراضيا على شرط لا يخالف حكم الله جاز لهما ذلك، ولا يجوز إلغاؤه وإلزامهما بما لم يلتزماه، ولا ألزمهما الله ولا رسوله ﷺ به، ولا يجوز إلزامهما بما لم يلزمهما الله ورسوله ﷺ به ولا هما التزماه، ولا إبطال ما شرطاه مما لم يحرم الله ورسوله عليهما شرطه.
ومحرم الحلال كمحلل الحرام، فهؤلاء ألغوا من شروط المتعاقدين ما لم يلغه الله ورسوله ﷺ، وقابلهم آخرون من القياسيين فاعتبروا من شروط الواقفين ما ألغاه الله ورسوله ﷺ، وكلا القولين خطأ، بل الصواب إلغاء كل شرط خالف حكم الله، واعتبار كل شرط لم يحرمه الله ولم يمنع منه، وبالله التوفيق).
وقال الشيخ ابن عثيمين ﵀(١): (كذلك أيضًا في النّكاح: كما لو شكّ الإنسان في شاهدي النكاح هل هما ذوا عدل أم لا؟ فنقول: إذا كان الأمر قد تم وانتهى فقد انتهى على الصحة، ودع القلق لأن الأصل في العقود الصحة حتى يقوم دليل الفساد).