يدخل إلى نخله، فيتأذى به ويشق عليه، فطلب إليه أن يناقله، فأبى فأتى النبي ﷺ، فذكر ذلك له، فطلب إليه النبي ﷺ أن يبيعه، فأبى، فطلب إليه أن يناقله، فأبى، قال: فهبه له ولك كذا وكذا أمرًا رغبه فيه، فأبى، فقال: أنت مضارٌّ، فقال النبي ﷺ للأنصاري:«اذهب فاقلع نخله»(١)، وقد روي عن أبي جعفر مرسلًا.
قال أحمد في رواية حنبل بعد أن ذكر له هذا الحديث: كل ما كان على هذه الجهة وفيه ضرر، يمنع من ذلك، فإن أجاب وإلا أجبره السلطان، ولا يضر بأخيه في ذلك، فيه مرفق له.
وأما الثاني: -وهو منع الجار من الانتفاع بملكه، والارتفاق به- فإن كان ذلك يضر بمن انتفع بملكه، فله المنع كمن له جدارٌ واهٍ لا يحتمل أن يُطرح عليه خشب، وأما إن لم يضر به، فهل يجب عليه التمكين، ويحرم عليه الامتناع أم لا؟ فمن قال في القسم الأول: لا يمنع المالك من التصرف في ملكه، وإن أضر بجاره، قال هنا: للجار المنع من التصرف في ملكه بغير إذنه، ومن قال هناك بالمنع، فاختلفوا هاهنا على قولين:
أحدهما: المنع هاهنا وهو قول مالك.
والثاني: أنه لا يجوز المنع، وهو مذهب أحمد في طرح الخشب على جدار دار جاره، ووافقه الشافعي في القديم وإسحاق وأبو ثور، وداود، وابن المنذر، وعبد الملك بن حبيب المالكي، وحكاه مالك عن بعض قضاة المدينة.
(١) أخرجه أبو داود برقم (٢٦٣٦)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق برقم (٥٨٤)، والبيهقي في السنن الكبرى برقم (١١٨٨٣)، وفي معرفة السنن والآثار برقم (١٢٢٦٩).