للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا كما قال للذي سأله عن الحمى فلم يعرفها: «من سرَّه أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا» (١).

فجعل الفرق بين أهل الجنة وأهل النار إصابة البلاء والمصائب، كما جعل ذلك فرقًا بين المؤمنين والمنافقين والفجار في هذه الأحاديث المذكورة ها هنا.

وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن قيس بن أبي حازم قال: طلَّق خالد بن الوليد امرأته، ثم أحسن عليها الثناءَ، فقيل له: يا أبا سليمان، لأي شيء طلقتها؟ قال: ما طلقتها لأمر رابني منها، ولكن لم يصبها عندي بلاء (٢).

وبإسناده عن عمار بن ياسر أنه ذكر الأوجاع، فقال أعرابي عنده: ما اشتكيت قط، فقال عمار : ما أنت منا -أو لست منا- إن المسلم يبتلى ببلاء فتحط عنه ذنوبه كما تحط الشجرة اليابسة ورقها، وإن الكافر والفاجر يبتلى ببلاء، فمثله مثل البعير أُطلق، فلم يَدْر لِمَ أُطلق، وعُقل فلم يدْرِ لِمَ عُقل (٣).

من فوائد الحديث:

قال الحافظ ابن رجب (٤): (واعلم أن تمثيل المؤمن بالزرع، الرعاع أتباع كل ناعق نذكر ما يسر الله منها:


(١) أخرجه النسائي في الكبرى برقم (٧٤٤٩)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِأَعْرَابِيٍّ: «هَلْ أَخَذَتْكَ أُمُّ مِلْدَمٍ قَطُّ؟» قَالَ: وَمَا أُمُّ مِلْدَمٍ؟ قَالَ: «حَرٌّ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ». قَالَ: مَا وَجَدْتُ هَذَا قَطُّ، قَالَ: «فَهَلْ أَخَذَكَ الصُّدَاعُ قَطُّ؟»، قَالَ: وَمَا الصُّدَاعُ؟ قَالَ: «عِرْقٌ يَضْرِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ فِي رَأْسِهِ»، قَالَ: مَا وَجَدْتُ هَذَا قَطُّ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا»، وصححه الحاكم في المستدرك برقم (١٢٨٣).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف برقم (١٩٢٥٤)، ووالبيهقي في شعب الإيمان برقم (٩٤٤٧).
(٣) ينظر: شعب الإيمان برقم (٩٤٤٣).
(٤) ينظر: مجموع رسائل ابن رجب (١/ ٢١٦ - ٢٢٤) باختصار.

<<  <   >  >>