للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: فمنها أن الزرع ضعيف مستضعف والشجر قوي مستكبر متعاظم، فالشجر لا يضعف من حر ولا برد، ولا من كثرة ماء ولا من ريح، والزرع بخلاف ذلك، وهذا هو الفرق بين المؤمن والكافر، وبين أهل الجنة والنار.

كما في الصحيحين عن حارثة بن وهب عن النبي قال: «ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيفٍ متضعِّفٍ، لو أقسم على الله لأبرَّه، ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتُلٍّ (١) جواظٍ (٢) مستكبر» (٣).

وخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي قال: «تحاجت الجنة والنار فقالت الجنة: ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم؟ وقالت النار: ما لي لا يدخلني إلا المتجبرون والمتكبرون» (٤). الحديث.

وقد ورد في القرآن تشبيه المنافقين بالخشب المسندة مع حسن منظرهم، فقال: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [المنافقون: ٤].

فوصفهم بحسن الأجسام وتمامها، وحسن المقال وفصاحته، حتى يعجب من منظرهم من رآهم، ويسمع قولهم من سمعه سماعَ إصغاء وإعجاب به، ومع هذا فبواطنهم خراب ومعانيهم فارغة، فلهذا مثَّلهم بالخشب المسندة، التي لا روح لها ولا إحساس، وقلوبهم مع هذا ضعيفة في غاية الضعف: ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ


(١) العتل: الجافي الشديد الخصومة بالباطل، وقيل: الجافي الفظ الغليظ.
(٢) الجواظ: هو الجموع المنوع، وقيل: الكثير اللحم المختال في مشيته.
(٣) أخرجه البخاري برقم (٤٩١٨)، ومسلم برقم (٢٨٥٣).
(٤) أخرجه البخاري برقم (٤٨٥٠)، ومسلم برقم (٢٨٤٦)، عن أبي هريرة .

<<  <   >  >>