للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل (١): أي: أعذر إليه غاية الإعذار، الذي لا إعذار بعده، لأن الستين قريبٌ من معترك المنايا (٢)، وهو سن الإنابة والخشوع والاستسلام لله تعالى وترقبِ المنية ولقاء الله تعالى، فهذا إعذار بعد إعذار في عمر ابن آدم؛ لطفًا من الله لعباده حين نقلهم من حالة الجهل إلى حالة العلم، وأعذر إليهم مرة بعد أخرى، ولم يعاقبهم إلا بعد الحجج اللائحة المُبكِّتة لهم، وإن كانوا قد فطرهم الله تعالى على حب الدنيا وطول الأمل، فلم يتركهم مهملين دون إعذار لهم وتنبيه، وأكبر الإعذار إلى بني آدم بعثه الرسل إليهم.

مراحل عمر الإنسان:

قال ابن الجوزي (٣): (أعذر: أي: أقام العذر في تطويل التعمير. واعلم أن الأسنان أربعة: سن الصِّبا، وسن الشباب، وسن الكهولة، وسن الشيخوخة:

- فسن الصِّبا: هو الذي يكون فيه البدن دائم النشوء والنمو، وهو إلى خمس عشرة سنة.

- وسن الشباب: هو الذي يتكامل فيه النمو ويبتدئ عقِيبه بالانحطاط، ومنتهاه في غالب الأحوال خمسٌ وثلاثون سنة، وقد يبلغ أربعين.

وبعضهم يسمي ما بين الثلاثين إلى الأربعين: سن الوقوف، كأن القوة وقفت فيه، ثم من الأربعين يأخذ في النقص، قال الشاعر:

كأن الفتى يرقى من العمر سُلَّما … إلى أن يجوزَ الأربعينَ وينحطُّ


(١) قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري (١٠/ ١٥٢).
(٢) ومعترك المنايا: هو من الستين إلى السبعين.
(٣) ينظر: كشف المشكل لابن الجوزي (٣/ ٥٣٢).

<<  <   >  >>